ولما كان غير الصالح قد يكون فاسداً بأن يكون مباشراً للفساد قاصداً له وقد يكون غير مباشر له، قالوا متفطنين لمراتب العلوم والأعمال المقربة والمبعدة :﴿ومنا﴾ وبنى الظرف المبتدأ به لإضافته إلى مبني فقيل :﴿دون﴾ أي قوم في أدنى رتبة من ﴿ذلك﴾ أي هذا الوصف الشريف العالي.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٩
ولما كان من دون الصالح ذا أنواع كثيرة بحسب قابليته للفساد أو الصلاح وتهيؤه له أو بعده عنه، حسن بيان ذلك بقولهم :﴿كنا﴾ أو كوناً هو كالجبلة ﴿طرائق﴾ أي ذوي طرق أي مذاهب ووجوه كثيرة، وأطلقوا الطرق على أصحابها إشارة إلى شدة تلبسهم بها.
ولما كان الانفصال قد يكون بأدنى شيء، بين أنه على أعلى الوجوه فأطلق عليهم نفس المنقطع ووصفهم به فقال :﴿قدداً *﴾ أي فرقاً متفرقة أهواؤها، جمع قدرة وهي الفرقة من الناس هواها على غير هواهم، من القد وهو القطع الموجب للتفرق العظيم مثل السيور التي تقطع من الجلد وقد منه بحيث تصير كل فرقة على حدتها، قال الحسن والسدي : كافرين ومسلمين ورافضة ومعتزلة ومرجئة وغير ذلك مثل فرق الإنس.


الصفحة التالية
Icon