ولما كان التقدير غاية التفكير، وكان التفكير ينبغي أن يهديه إلى الصواب فقاده إلى الغي، عجب منه فقال منكراً عليه معبراً بأداة الاستفهام إشارة إلى أنه مما يتعجب منه ويسأل عنه :﴿كيف قدر *﴾ أي على أي يفية أوقع تقديره هذا، وإذا أنكر مطلق الكيفية لكونها لا تكاد لبطلانها تتحق، كان إنكار الكيف أحق.
ولما كان وقوعه في هذا الطعن عظيماً جداً لما فيه من الكذب المفضوح ومن معاندة من هو القوي المتين المنتقم القهار العظيم ومن غير ذلك من الوجوه المبعدة عن الوقوع فيه، أكد المعنى زجراً عن مثله وحثاً على التوبة منه، فقال معبراً بأداة البعد دلالة على عظمة هذا القتل بالتعبير بها وبالتكرار :﴿ثم قتل﴾ أي هلك ولعن هذا العنيد هلاكاً ولعناً هو في غاية العظمة فيما بعد الموت في البرزخ والقيامة ﴿كيف قدر *﴾ ولما كان الماهر بالنظر إذا فكر وصحح فكره نظر في لوازمه قال مشيراً إلى طول ترويه :﴿ثم نظر *﴾ أي فيما يدعف به أمر القرآن مرة بعد أخرى، وفي ذلك إشارة إلى قبح أفعاله، فظهور الحق له مع إصراره فإن تكرار النظر في الحق لا يزيده على كل حال إلا ظهوراً وفي الباطل لا يزيده إلا ضعفاً وفتوراً.


الصفحة التالية
Icon