سبب هلاكه فكان كما قال بعضهم :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٦
احفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تخاف لقاءة الشجعان
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٦
ولما انقضى بيان عناده فحصل التشوف لتفصيل جزائه في معاده، قال مبيناً لبعض ما أفهمه إرهاقه الصعود :﴿سأصليه﴾ أي بوعيد لا بد منه عن قرب ﴿سقر *﴾ أي الدركة النارية التي تفعل في الأدمغة من شدة حموها ما يجل عن الوصف، فأدخله إياه وألوّحه في الشدائد حرها وأذيب دماغه بها، وأسيل ذهنه وكل عصارته بشديد حرها
٢٢٩
جزاء على تفكيره، هذا الذي قدره وتخيله وصوره بإدارته في طبقات دماغه ليحرق أكباد أولياء الله وأصفيائه.
ولما أثبت له هذا العذاب عظمه وهوله بقوله :﴿وما أدراك﴾ أي أعلمك وإن اجتهدت في البحث ﴿ما سقر *﴾ يعني أن علم هذا خارج عن طوق البشر لا يمكن أن يصل إليه أحد منهم بإعلام الله له لأنه أعظم من أن يطلع عليه بشر.
ولما أثبت لها هذه العظمة، زادها عظماً ببيان فعلها دون شرح ماهيتها فقال :﴿لا تذر *﴾ أي تترك على حالة من الحالات ولو كانت أقبح الحالات فضلاً عما دونها، بل هي دائمة الإهلاك لكل ما أذن فيه والتغيير لأحوال ما أذن لها في عذابه، ولم يؤذن في محقه بالكلية، لكل شيء فترة وملال دونها.