جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٦٩
ولما ذكر ما يكسو الباطن، ذكر ما يكسو الظاهر فقال :﴿وحريراً *﴾ أي هو في غاية العظمة.
ولما ذكر أنه كفاهم المخوف وحباهم الجنة، أتبعه فيها وحالها فقال دالاًّ على راحتهم الدائمة :﴿متكئين فيها﴾ أي لأن كل ما أرادوه حضر إليهم من غير حاجة
٢٦٩
إلى حركة أصلاً، ودل على الملك بقوله ﴿على الأرائك﴾ أي الأسرة العالية التي في الحجال، لا تكون أريكة إلا مع وجود الحجلة، وقال بعضهم : هي السرير المنجد في قبة عليه شواره ونجده أي متاعه، وهي مشيرة إلى الزوجات لأن العادة جارية بأن الأرئك لا تخلو عنهن بل هي لهن لاستمتاع الأزواج بهن فيها.
ولما كانت بيوت الدنيا وبساتينها تحتاج إلى الانتقال منها من موضع إلى موضع لأجل الحر أو البرد، بين أن جميع أرض الجنة وغرفها سواء في لذة العيش وسبوغ الظل واعتدال الأمر، فقال نافياً ضر الحر ثم البرد :﴿لا يرون فيها﴾ أي بأبصارهم ولا بصائرهم أصلاً ﴿شمساً﴾ أي ولا قمراً ﴿ولا﴾ أي ولا يرون فيها أيضاً ببصائرهم أي لا يحسون بما يسمى ﴿زمهريراً *﴾ أي برداً شديداً مزعجاً ولا حراً، فالآية من الاحتباك : دل بنفي الشمس أولاً على نفي القمر، لأن ظهوره بها لأن نوره اكتساب سببه الشمس، فأفاد هذا أن الجنة غنية عن النيرين، لأنها نيرة بذاتها وأهلها غير محتاجين على معرفة زمان لأنه لا تكليف فيها بوجه، وأنها ظليلة ومعتدلة دائماً لأن سبب الحر الآن قرب الشمس من مسامته الرؤوس، وسبب البرد بعدها عن ذلك.


الصفحة التالية
Icon