ولما كان الزنجبيل عندنا شجراً يحتاج في تناوله إلى علاج، أبان أنه هناك عين لا يحتاج في صيرورته زنجبيلاً إلى أن تحيله الأرض بتخميره فيها حتى يصير شجراً ليتحول عن طعم الماء إلى طعم الزنجبيل خرقاً للعوائد فقال :﴿عيناً فيها﴾ أي الجنة يمزج فيها شرابهم كما يمزج بالماء.
ولما كان الزنجبيل يلذع الحق فتصعب إساغته قال :﴿تسمى﴾ أي لسهولة إساغتها ولذة طعمها وسمو وصفها ﴿سلسبيلاً﴾ والسلسبيل والسلسل والسلسال ما كان من الشراب غاية في السلاسة، زيدت فيه الباء دلالة على المبالغة في هذا المعنى، قالوا : وشراب الجنة في برد الكافور وطعم الزنجبيل وريح المسك من غير لذع.
ولما ذكر المطوف به لأنه الغاية المقصودة، وصف الطائف لما في طوافه من العظمة المشهودة تصويراً لما هم يفه من الملك بعد ما نجوا منه من الهلك :﴿ويطوف عليهم﴾ أي بالشاراب وغيره من الملاذ والمحاب ﴿ولدان﴾ أي غلمان هم في من هو دون البلوغ " أقل أهل الجنة من يخدمه ألف غلام " ﴿مخلدون﴾ أي قد حكم من لا يرد حكمه بأن يكونوا كذلك دائماً من غير غلة ولا ارتفاع عن ذلك الحد مع أنهم مزينون بالخلد وهو الحلق والأساور والقرطة والملابس الحسنة ﴿إذ رأيتهم﴾ أي يا أعلى الخلق ﷺ وأنت أثبت الناس نظراً أو أيها الرائي من كان في أي حالة رأيتهم فيها ﴿حسبتهم﴾ من بياضهم وصفاء ألوانهم ولمع أنوارهم وانعكاس شعاع بعضهم إلى بعض وانبثاثهم في المجالس ذهاباً وإياباً ﴿لؤلؤاً منثوراً *﴾ وذلك كناية عن كثرتهم وانتشارهم في الخدمة وشرفهم وحسنهم ؛ وعن بعضهم أن لؤلؤ الجنة في غاية الكبر والعظمة واختلاف الأشكال، وكأنه عبر بالحسبان إشارة إلى أن ذلك مطلق تجويز لا مع ترجيح، قال بعض المفسرين : هم غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon