ولما كان إهلاك من في زمن النبي ﷺ إن لم ينقص عن إهلاك الأولين لم يزد، وكان جواب هذا التقدير : بلى قد أههلكتهم، قال عاطفاً على هذا الذي أرشد السياق إليه إرشاداً ظاهراً جعله كالمنطوق ما تقديره : نعم أهلكناهم ﴿ثم﴾ أي بعد إهلاكنا لهم.
ولما كان الفعل مرفوعاً، علمنا أنه ليس معطوفاً على " تهلك " ليكون تقديراً، بل هو إخبار للتهديد تقديره : نحن إن شئنا ﴿نتبعهم الآخرين *﴾ أي الذين في زمانك من كفار العرب وغيرهم لتكذيبهم لك أو الذين قربوا من ذلك الزمان كأصحاب الرس وأصحاب الفيل.
ولما هدد من واجه الرسل بالتكذيب تسلية لهم، سلى من قطعوه من أتباعهم مما يجب وصله بهم من المعروف فقال مستأنفاً منبهاً على الوصف الموجب لذلك الإهلاك :﴿كذلك﴾ أي مثل ذلك الإهلاك ﴿نفعل بالمجرمين *﴾ أي جميع الذين يفعلون فعل أولئك الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل وهم عريقون في ذلك القطع، وذلك مثبت لنا القدرة على جمعهم ليوم الفصل كما قدرنا على جمعهم لوقت الإجرام وعلى فصلنا في الإهلاك والإنجاء بين مكذبي الأمم ومصدقيهم فلا بد من إيجادنا ليوم الفصل :﴿ويل يومئذ﴾ أي إذا يوجد ﴿للمكذبين *﴾ أي بالعاصفات التي أهلكنا بها تلك الأمم تارة بواسطة القلب وإمطار الحجارة وأخرى بواسطة الماء وتارة بالرجفة وتارة بغير واسطة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٣
ولما ذكر الإهلاك على ذلك الوجه الدال على القدرة التامة على البعث وعلى ما
٢٨٥