ولما كان الإنسان ربما سكن في ماضي الزمان ما لا يقدر عليه الآن قال مبيناً للمسكن المأمور به مبقياً للمواددة بعدم التكليف بما يشق :﴿من وجدكم﴾ أي سعتكم وطاقتكم بإجارة أو ملك أو إعارة حتى تنقضي العدة بحمل كانت أو غيره.
ولما كان الإسكان قد يكون مع الشنآن قال :﴿ولا تضاروهن﴾ أي حال السكنى في المسكن ولا في غيره.
ولما كانت المضارة قد يكون لمقصد حسن بأن
٣٣
يكون تأديباً لأمر بمعروف ليتوصل بصورة شر قليل ظاهر إلى خير كثير قال :﴿لتضيقوا﴾ أي تضييقاً بالغاً لا شبهة في كونه كذلك مستعلياً ﴿عليهن﴾ حتى يلجئهن ذلك إلى الخروج.
ولما كانت النفقة واجبة للرجعية، وكانت عدتها تارة بالأقراء وتارة بالأشهر وتارة باحمل، وكان ربما توهم أن ما بعد الثلاثة الأشهر من مدة الحمل للرجعية وجميع المدة لغيرها لا يجب الإنفاق فيه قال :﴿وإن كن﴾ أي المعتدات ﴿أولات حمل﴾ أي من الأزواج كيف ما كانت العدة من موت أو طلاق بائن أو رجعي ﴿فأنفقوا عليهن﴾ وإن مضت الأشهر ﴿حتى يضعن حملهن﴾ فإن العلة الاعتداد بالحمل، وهذه الشرطية تدل على اختصاص الحوامل من بين المعتدات البوائن بوجوب النفقة.
ولما غيى سبحانه وجوب الإنفاق بالوضع، وكانت قد تريد إرضاع ولدها، وكانت اشتغالها بإرضاعه يفوت عليها كثير من مقاصدها ويكسرها، جبرها بأن قال حاثاً على مكافأة الأخوان على الإحسان مشيراً بأداة الشك إلى أنه لا يجيب عليها الإرضاع :﴿فإن أرضعن﴾ وبين أن النسب للرجال بقوله تعالى :﴿لكم﴾ أي بأجرة بعد انقطاع علقة النكاح ﴿فآتوهن أجورهن﴾ على ذلك الإرضاع.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣١


الصفحة التالية
Icon