جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٨
ولما أقسم على القيام بتلك الأفعال العظام التي ما أقدر أهلها عليها إلا الملك العلام.
ذكر ما يكون فيه من الأعلام تهويلاً لأمر الساعة لأن النفوس المحسوسات نزاعة، فالغائبات عندهامنسية مضاعة فقال ناصباً الظرف بذلك المحذوف لأنه لشدة وضوحه كالملفوظ به :﴿يوم ترجف﴾ أي تضطرب اضطراباً كبيراً مزعجاً ﴿الراجفة *﴾ أى الصيحة، وهي النفخة الأولى التي هي بحيث يبلغ - من شدة إرجافها للقلوب وجميع الأشياء الساكنة من الأرض والجبال إلى نزع النفوس من جميع أهل الأرض - مبلغاً تستحق به أن توصف بالعراقة في الرجف، قال البغوي : وأصل الرجفة الصوت والحركة.
٣١٠
ولما ذكر الصيحة الأولى، أتبعها الثانية حالاً منها دلالة على قربها قرباً معنوياً لتحقق الوقوع، ولأن ذلك كله في حكم يوم واحد، فصح مجيء الحال وإن بعد زمنه من زمن صاحبه فقال :﴿تتبعها الرادفة *﴾ أي الصيحة التابعة لها التي يقوم بها جميع الأموات وتجتمع الرفات، وتضطرب من هولها الأرض والسماوات، وتدك الجبال ويعظم الزلزال، ويكون عنها التسيير بعد المصير إلى الكثيب المهيل، ونحو ذلك من الأمر الشديد الطويل، قال حمزة الكرماني : روى السدي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس إذا ماتوا في النفخة الأولى أمطر عليهم ماء من تحت العرش يدعى ماء الحياة فينبتون منه كما ينبت الزرع من الماء، حتى إذا استكملت أجسادهم نفخ فيها الروح ثم يلقى عليهم نومة فبينما هم في قبورهم نفخ في الصور ثانية فجلسوا وهم يجدون طعم النوم في رؤوسهم وأعينهم.


الصفحة التالية
Icon