ولما كانت الإعادة واضحة من تناول الحيوان المأكل والمشرب وغيرهما من المتاع فإنه كلما نقص منه شيء تناول ما قدر له ليعود ذلك أوبعضه، قال منبهاً على أنه كل يوم في إعادة بانياً حالاً مما تقدم تقديره : حال كونها ﴿متاعاً﴾ مقدراً ﴿لكم﴾ تتمتعون بما فيها من المنافع ﴿ولأنعامكم *﴾ أي مواشكيم بالرعي وغيره.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣١٨
ولما ذكر ما دل على البعث، أتبعه ما يكون عن البعث مسبباً عنه دلالة على أن الوجود ما خلق إلا لأجل البعث لأنه محط الحكمة :﴿فإذا جاءت﴾ أي بعد الموت ﴿الطامة الكبرى *﴾ أي الداهية الدهياء التي تطم - أي تعلو - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما، والعامل في " إذا " محذوف تقديره : فصل الناس إلى شقي وسعيد.
ولما كان الشيء لا يعرف قدره إذا كان غائباً إلا بما يكون فيه، قال مبدلاً منه :﴿يوم يتذكر﴾ أي تذكراً عظيماً ظاهراً - بما أشار إليه الإظهار ﴿الإنسان﴾ أي الخلق الآنس بنفسه الغافل عما خلق له ﴿ما سعى *﴾ أي عمل كله من خير وشر لأنه يراه في صحيفة أعماله، والإخبار عن تذكره منبهاً على ما في ذلك اليوم من الخطر لأن أحداً لا يعمل جهده في تذكره إلا لمحوج إلى ذلك وهو الحساب وتدوينه في صحيفة أعماله.
ولما أشار إلى الحساب ذكر ما بعده فقال :﴿وبرزت﴾ أي أظهرت إظهاراً عظيماً، وبناه للمفعول لأن الهائل مطلق تبريزها لا كونه من معين، مع الدلالة على الخفة والسهولة لكونه على طريقة كلام القادرين ﴿الجحيم﴾ أي النار التي اشتد وقدها وحرها ﴿لمن يرى *﴾ أي كائناً من كان لأنه لا حائل بين أحد وبين رؤيتها، لكن الناجل لا يصرف بصره إليها فلا يراها كما قال تعالى :﴿ا يسمعون حسيسها﴾ [الأنبياء : ١٠٢].