ولما كان المانع إنما هو الحجاب، بني للمفعول قوله :﴿لمحجوبون *﴾ فلذلك استولت عيلهم الشياطين والأهوية، فصاروا يقولون ما لو عقلت البهائم لاستحيت من أن توقوله، والأحسن أن تكون الآية بياناً وتعليلاً لويلهم الذي سبق الإخبار به، ويكون التقدير : يوم إذ كان يوم الدين، ويكون المراد الحجاب عن الرؤية، ويكون في ذلك بشارة للمؤمنين بها.
وقال البغوي : قال أكثر المفسرين : عن رؤيته، وقال : إن الإمامين الشافعي وشيخه مالكاً استدلا بهذه الآية على الرؤية، وأسند الحافظ أبو نعيم في الحلية في ترجمة الشافعي أنه قال : في هذه الآية دلالة على أن أولياءه يرونه على صفته، وقال ابن الفضل : كما حجبهم في الدنيا عن توحيده
٣٦٠
حجبهم في الآرخرة عن رؤيته، وقال الحسن : لو علم الزاهدون والعابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدنيا.
وقال القشري : ودليل الخطاب يوجب أن يكون المؤمنون يرونه كما يعرفونه اليوم انتهى.
وفيه تمثيل لإهانتهم بإهانة من يمنع الدخول على الملك.
ولما بين ما لهم من العذاب بالحجاب الذي هو عذاب القلب الذي لا عذاب أشد منه، لأنه يتفرع عنه جميع العذاب، شرع يبين بعض ما تفرع عنه من عذاب القالب مؤكداً لأجل إنكارهم معبراً بأداة التراخي إعلاماً بعلو رتبته في أنواع العذاب فقال :﴿ثم إنهم﴾ أي بعد ما شاء الله من إمهالهم ﴿لصلوا الجحيم *﴾ أي لدخلو النار العظمى ويقيمون فيها مقاسون لحرها ويغمسون فيها كما تغمس الشاة المصلية أي المشوية.


الصفحة التالية
Icon