ولما ظهر المراد ولم يبق إلا العناد، سبب عن ذلك الإنكار عليهم والتوبيخ والتقريع والتهديد، فقال معرضاً عن خطابهم إلى الغيبة إيذاناً باستحقاقهم للأخذ إن لم يرجعوا :﴿فما لهم﴾ أي وأي شيء لهؤلاء الذين أنزلنا عليهم هذا الكتاب المعجز في أنهم ﴿لا يؤمنون *﴾ أي وأي شيء لهؤلاء الذين أنزلنا عليهم هذا الكتاب المعجز في أنهم ﴿لا يؤمنون *﴾ أي يوقعون الإيمان ويجددونه كل وقت على الاستمرار بكل ما
٣٧٣
دعا إليه هذا الكتاب الذي خصهم بهم ملك الملوك وقد وضحت الدلالة وقامت البراهين لا سيما دلائل القيامة هل هي إلا واحدة من هذه الأطباق المنتقل إليها لأن من كان اليوم على حالة وغداً على أخرى جدير بأن يعلم أن تدبيره إلى سواه، ومن لم يعلم ذلك فليس لجنونه دواء، ومن علم أن تبديره إلى سواء علم أن المشيئة في التدبير - إليه لا إلى نفسه، وقيل لأبي بكر الوراق : ما الدليل على الصانع ؟ قال : تحويل الحالات وعجز القوة وضعف الأركان وقهر المشيئة، وفسخ العزيمة.
﴿وإذا قرئ﴾ أي من أي قارئ كان ﴿عليهم القرآن﴾ أي الجامع لكل ما ينفعهم في دنياهم وأخراهم الفارق بين كل ملتبس من الحرام والحلال وغير ذلك ﴿لا يسجدون *﴾ أي يخضعون بالقلب ويتذللون للحق بالسجود اللغوي فيسجدون بالقالب السجود الشرعي لتلاوته لأنه ملك الكلام، قد أبان عم معارف لا تحصر، مع الشهادة لنفسه بإعجازه أنه من عند الله، ليس لهم في ذلك عذر إلا الجهل أو العجز، ولا جهل مع القرآن ولا عجز مع القوة والاختيار.


الصفحة التالية
Icon