ولما كان لا يثيب ويعذب على هذا الوجه إلا من كان في غاية العظمة، قال معللاً لفعله ذلك دالاً بذلك التعلل على ما له من العظمة التي تتقاصر الأفكار دون عليائها، مؤكداً لما للأعداء من الإنكار :﴿إن بطش ربك﴾ أي أخذ المحسن إليك المدبر لأمرك أعداء الدين بالعنف والسطوة وغاية الشدة ﴿لشديد *﴾ أي يشدة يزيد عنفها على ما في البطش من العنف المشورط في تسميته، فهو عنف مضاعف.
ولما كان هذا البطش لا يتأتى إلا لكامل القدرة، دل على كما قدرته واختصاصه بذلك بقوله مؤكداً لما لهم من الإنكار :﴿إنه﴾ وزاد التأكيد بمبتدأ آخر ليدل على
٣٨٠
الاختصاص فقال :﴿هو﴾ أي وحده ﴿يبدئ﴾ أي يوجد ابتداء أي خلق أراد على أي هيئة أراد ﴿ويعيد *﴾ أي ذلك المخلوق بعد إفنائه في أي وقت أراده، وغيره لا يقدر على شيء من ذلك، وليس هذا الضمير بفصل لأنه لا يكون إلا والخبر لا يكون إلا معرفة، أو شبيه بها في أنه لا يلحقه " ألا " المعرفة مثل خير منك، وأجاز المازني وقوعه قبل المضارع لمشابهته الاسم وامتناع دخول " أل " عليه فأشبه المعرفة، وقال : ولا يكون قبل الماضي لأن الماضي لا يشبه الاسم، قال الرضي : وما قاله دعوى بلا حجة ومثل " ومكر أولئك هو يبور " ليس بنص في كونه فصلاً لجواز كونه مبتدأ بما بعده خبره، ونقض قوله في الماضي بقوله تعالى :﴿وإنه هو أضحك وأبكى﴾ [النجم : ٤٣].