ولما كان التقدير : نعم قد أتاني ذلك وعلمت من خبرهما وغيره أنك قادر على ما تريد، ولكن الكفار لا يصدقونني، عطف عليه قوله :﴿بل الذين كفروا﴾ أي جاهروا بالكفر من هؤلاء القوم وغيرهم وإن كانوا في أدنى رتبة ﴿في تكذيب *﴾ أي لما رأوا من الآيات لا مستند لهم فيه وهو شديد محيط بهم لاتباعهم أهواءهم وتقليدهم آباءهم، فهم لا يقدرون على الخروج من ذلك التكذيب الذي صار ظرفاً لهم بعد سماعهم لأخبار هؤلاء المهلكين ورؤية بعض آثارهم، وبعد ما أقمت لهم من الأدلة على البعث
٣٨٢
في هذا القرآن المعجز، ولم يعتبروا بشيء من ذلك لما عندهم من داء الحسد، فحالهم أعجب من حالهم فحذرهم مثل مآلهم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨٠
ولما كان هذا ربما أوهم أن تكذيبهم على غير مراده سبحانه وتعالى، قال دافعاً لذلك مؤكداً قدرته على أخذهم تحذيراً لهم وتسلية لمن كذبوه :﴿والله﴾ أي والحال أن الملك الذي اختص بالجلال والإكرام ﴿من ورائهم﴾ أي من كل جهة يوارونها أو تواريهم، وذلك كل جهة ﴿محيط *﴾ فهو محيط بهم نمكل جهة بعلمه وقدرته، فهو كناية عن أنهم في قبضته لا يفوتونه بوجه كام أنه لا يفوت من صار في القبضة بإحاطة العدو به من غير مانع، فهو سبحانه قادر على أن يحل بهم ما أحل بأولئك، ولعله خص الوراء لأن الإنسان يحمي ما وراءه ولأنه جهة الفرار من المصائب.


الصفحة التالية
Icon