ولما ذكر الذي دل به على حفظ القرآن عن التلبيس وعلى حفظ الإنسان، ذكر جوابه في حفظ النفوس التي جعل فيها قابلية لحفظ القرآن في الصدور، ودل على حفظ ما خلق لأجلها من هذه الأشياء المقسم بها على حفظ الإنسان لأنها إذا كانت محفوظة عن أدنى زيغ وهي مخلوقة لتدبير مصالحه فما الظن به ؟ فقال مؤكداً غاية التأكيد لما للكفرة من إنكار ذلك والطعن فيه ﴿إن﴾ بالتخفيف من الثقيلة في قراءة الجمهور أي أن الشأن ﴿كل نفس﴾ أي من الأنفس مطلقاً لا سيما نفوس الناس ﴿لما عليها﴾ أي بخصوصها لا مشارك لها في ذاتها ﴿حافظ *﴾ أي رقيب عتيد لا يفارقها، والمراد به الجنس من الملائكة، فبعضهم لحفظها من الآفات، وبعضها من الوساوس، وبعضهم لحفظ أعمالها وإحصائها بالكتابة، وبعضهم لحفظ ما كتب لها من رزق وأجل وشاقوة أو سعادة ومشي ؟ ونكاح وسفر وإقامة، فلا يتعدى شيئاً من ذلك نحن قسمنا نحن قدرنا، فإن قلت : إن الحافظ الملائكة، صدقت، وإن قلت : إنه الله، صدقت، لأنه الآمر لهم والمقدر على الحفظ، والحافظ لهم من الوهن والزيغ، فهو الحافظ الحقيقين واللام في هذه القراءة هي الفارقة بين المخففة والنافي " وما " مؤكداة بنفي صدر ما أثبتته الجملة، " وحافظ " خبر " إن " ويجوز ان يكون الظرف الخبر، و" حافظ " مرتفع به، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد " لما " على أنها بمعنى و" إن " نافية بمعنى
٣٨٦


الصفحة التالية
Icon