ولما ذكر سبحانه أن عادة هؤلاء الفرق كانت الطغيان، وذكر أن عادة الرب سبحانه فيمن تولى وكفر أنه يعذبه كما هدد به آخر تلك، ودل على ذلك بما شوهد في الأمم، وعلل ذلك بأنه لا يغفل، ذكر عادة الإنسان من حيث هو من غير تقييد بهؤلاء الفرق عن الابتلاء في حالي السراء والضراء، فقال مشيراً إلى جواب ما كانت الكفار تقوله من أنهم آثر عند الله من المسلمين لا يساعد عليهم في الدنيا وتقلل الصحابة رضي الله عنهم من الدنيا مسبباً عما مضى عطفاً على ما تقديره : هذه كانت عادة هؤلاء الأمم وعادة الله فيهم :﴿فأما الانسان﴾ أي الذي أودع الحجر ليعقل هذه الأقسام وما يراد منه من اعتقاد المقسم عليه بها وجبل على النسيان والأنس بنفسه والمحبة لها والرضى عنها.
ولما كان المقصود التعريف بحاله عند الابتداء، قدم الظرف الدال على ذلك على الخبر فقال :﴿إذا﴾ وأكد الأمر بالنافي فقال ﴿ما ابتلاه﴾ أي عامله معاملة المختبر بأن خالطه بما أراد مخالطة تميله وتحيله ﴿ربه﴾ أي الذي أبدعه وأحسن إليه بما يحفظ وجوده ليظهر شكره أو كفره ﴿فأكرمه﴾ أي بأن جعله عزيزاً بين الناس وأعطاه ما
٤١٨
يكرمونه به نم الجاه والمال ﴿ونعمه *﴾ أي بأن جعله متلذذاً مترفاً بما أعطاه غير تعبان - بسببه ﴿فيقول﴾ سروراً بذلك وافتخاراً :﴿ربي﴾ أي الموجد لي والمدبر لأمري ﴿أكرمن *﴾ أي فيظن أن ذلك عن استحقاق فيرتفع به ﴿وأما﴾ هو ﴿إذا﴾ وأكد على نمط الأول فقال :﴿ما ابتلاه﴾ أي ربه ليظهر صبره أو جزعه.


الصفحة التالية
Icon