ولما كان الندم يقتضي ان يعمل الإنسان ما ينافيه، بين أنه ليس هناك عمل إلا إظهار الندم فاستأنف قوله :﴿يقول﴾ أي متمنياً المحال على سبيل التجديد والاستمرار :﴿يا ليتني﴾ وهل ينفع شيئاً " ليت " ﴿قدمت﴾ أي أوقعت التقديم لما ينفعني من الجد والعمل به ﴿لحياتي *﴾ أي أيام حياتي في الدنيا أو لأجل حياتي هذه الباقية التي لا موت بعدها، ويمكن أن يكون سبب تمنيه هذا علمه بأنه كان في الدنيا مختاراً، وأن الطاعات في نفسها كانت ممكنة لا مانع له منها في الظاهر إلا صرف نفسه عنها وعدم تعليق ما أتاه الله من القوى بها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٢١
ولما كان هذا غير نافع له، سبب عنه قوله :﴿فيومئذ﴾ أي إذ وقعت هذه الأمور كلها ﴿لا يعذب﴾ أي يوقع ﴿عذابه﴾ أي عذاب الله، أي مثل عذابه المطلق المجرد فكيف بتعذيبه.
ولما اشتد التشوف إلى الفاعل، أتى به على وجه لا أعم منه أصلاً فقال :﴿أحد *﴾ ولما جرت العادة بأن المعذب يستوثق منه بسجن أو غيره، ويمنع من كل شيء يمكن أن يقتل به نفسه، خوفاً من أن يهرب أو يهلك نفسه قال :﴿ولا يوثق﴾ أي يوجد ﴿وثاقه﴾ أي مثل وثاقه فكيف بإيثاقه ﴿أحد *﴾ والمعنى أنه لا يقع في خيال أحد لأجل
٤٢٢