انقطاع الأنساب والأسباب أن أحداً يقدر على مثل ما يقدر عليه سبحانه وتعالى من الضر ليخشى كما يقع في هذه الدنيا، بل يقع في الدنيا في أوهام كثيرة أن عذاب من يخشونه أعظم من عذاب الله - وأن عذاب الدنيا بأسره لو اجتمع على إنسان وحده لا يساوي رؤية جهنم بذلك المقام في ذلك المحفل المهول دون دخولها - ولذلك تقدم خوفه على الخوف من الله، وبنى الكسائي ويعقوب الفعلين للمفعول، والمعنى على قراءة الجماعة ببنائها للفاعل : لا يعذب أحد عذاباً مثل عذاب الله أي لا يعذب أحد غير الله أحداً من الخلق مثل عذاب الله له، والحاصل أنه لا يخاف في القيامة من أحد غير الله، فإنه ثبت بهذا الكلام أن عذابه لا مثل له، ولم يذكر المعذب من هو فيرجع الأمر إلى أن المعنى : فيومئذ يخاف الإنسان من الله خوفاً لا مثل له، أي لا يخاف من أحد مثل خوفه منه سبحانه وتعالى، ويجوز أن يكون الضمير في " عذابه " للإنسان، أي لا يعذب أحد من الزبانية أحداً غير الإنسان مثل عذابه، وفي المبنيى للمفعول : لا يعذب عذاب الإنسان أحد لكن يبعده أنه يلزم عليه أن يكون عذاب الإنسان أعظم من عذاب إبليس - ويجوز أن يكون المعنى : إنه لا يحمل أحد ما يستحقه من العذاب كقوله تعالى :﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ [الأنعام : ١٦٤].


الصفحة التالية
Icon