ولما ذكر سبحانه الدنيا والآخرة، ذكر ما يشملهما مما زاده من فضله، فقال مصدراً بحرف الابتداء تأكيداً للكلام لأنهم ينكرونه وليست للقسم لأنها إذا دخلت على المضارع لزمته النون المؤكدة، وضم هذه اللام إلى كلمة التنفيس للدلالة على أن العطاء وإن تأخر وقته لحكمة كائن لا محالة :﴿ولسوف يعطي﴾ أي بوعد لا خلف فيه وإن تأخر وقته بما أفهمته الأداة ﴿ربك﴾ أي الذي لم يزل يحسن إليك بوعد الدنيا ووعيد الآخرة ﴿فترضى *﴾ أي فيتعقب على ذلك ويتسبب عنه رضاك.
وهذا شامل لما منحه بعد كمال النفس من كمال العلم وظهور الأمر وإعلاء الدين وفتح البلاد ودينونة العباد ونقص ممالك الجبابرة، وإنهاب كنوز الأكاسرة والقياصرة، وإحلال الغنائم حتى كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، وشامل لما ادخره له سبحانه وتعالى في الآخرة من المقام المحمود والحوض المورود، والشفاعة العظمىة إلى غير ذلك مما لا يدخل تحت الحدود، وقد أفهمت العبارة أن الناس أربعة أقسام : معطى راض، وممنوع غير راض، ومعطى غير راض، وممنوع راض، وعن علي رضي الله عنه أناه أرجى آية في القرآن لأنه ﷺ لا يرضى واحداً من أمته في النار.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٥٢
ولما وعده بأنه لا يزال في كل لحظة يرقيه في مراقي العلا والشرف، ذكره بما رقاه به قبل ذلك من حين توفي أبوه وهو حمل وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين، فتم
٤٥٦


الصفحة التالية
Icon