الذي آتاه إياه إعلاماً بأنه الآلة التي يستعملها في الأمرين الماضيين وغيرها لأنها أشرف أحوال الإنسان وهي أوفق الأمور لأن يكون مقطع السورة لتوافق مطلعها فقال :﴿وأما بنعمة ربك﴾ أي الذي أحسن إليك بإصلاح جميع ما يهمك من العلم وغيره وبالهجرة ومبادئها عند تمام عدد آيها من السين وهي إحدى عشرة ﴿فحدث *﴾ أي فاذكر النبوة وبلغ الرسالة فاذكر جميع نعمه عليك فإنها نعم على الخلق كافة، ومنها إنقاذك بالهجرة من أيدي الكفرة وإعزازك بالأنصار، وتحديثك بها شكرها، فإنك مرشد يحتاج الناس إلى الاقتداء بك، ويجب عليهم أن يعرفوا لك ذلك ويتعرفوا مقدارك ليؤدوا حقك، فحدثهم أني ما ودعتك ولا قليتك، ومن قال ذلك فقد خاب وافترى، واشرح لهم تفاصيل ذلك بما وهبتك من العلم الذي هو أضوأ من ضياء الضحى وقد رجع آخرها على أولها بالتحديث بهذا القسم والمقسم لأجله، وما للملك الأعلى في ذلك من عميم فضله : ولقد امتثل ﷺ وابتدأ هذا التحديث الذي يشرح الصدور، ويملأ الأكوان من السرور، والنعمة والحبور، لأنه بأكبر النعم المزيلة لكل النقم بالتكبير كما ورد في قراءة ابن كثير وفي رواية السوسي عن أبي عمرو، واختلف القراء في ابتدائه وانتهائه ولفظه، فقال بعضهم : هو من أول الضحى، وقال آخرون : من آخرها، وقال غيرهم من أول الشرح، فمن قال للأول لم يكبر آخر الناس، ومن قال للآخر انتهى تكبيره بالتكبير في آخرها، وسببه أن جبريل عليه الصلاة والسلام لما أتى النبي ﷺ بعد فترة الوحي، فتلا السورة عليه كبر مسروراً لما كان أحزنه من الفترة ومن قول المشركين : قلاه ربه، وتحديثاً بالنعم التي حباه الله بها في هذه السورة له ولأمته امتثالاً لما أمر به واختلف عنهم في لفظه، فمنهم من اتقصر على " الله أكبر " ومنهم من زاد التهليل فقال :" لا إله إلا الله والله أكبر " وهذا هو المستعمل، ومنهم من زاد " ولله الحمد " والراجح قول من قال : إنه لآخر


الصفحة التالية
Icon