ولما حذر بما تقدم، زاد في التحذير ما يقطع القلوب لأن أشد ما على المرأة أن تطلق ثم إذا طلقت أن تستبدل بها ثم أن يكون البدل خيراً منها فقال مبيناً لأدنى أنواع المظاهرة سائقاً الأمر مساق الرجاء إشارة إلى أنه يكفي العاقل في الخوف تجويز احتمال الضرر فكيف إذا كان الأمر حتماً لأن من المعلوم أن " عسى " من الله على طريق الكبراء لا سيماء الملوك في اكتفائهم بالإشارات والرموز فمن هنا كانت واجبة لأنه ملك الملوك وهو ذو الكبرياء في الحقيقة لا غيره ﴿عسى ربه﴾ أي المسحن إليه بجميع أنواع الإحسان التي عرفتموها وما لم تعرفوه جدير وحقيق، ووسط بينها وبين خبرها اهتماماً وتخويفاً قوله :﴿إن طلقكن﴾ أي بنفسه من غير اعترض عليه جمع أو بعضكن بإيجاد الطلاق لمن لم يطلقها وإدامته من طلقها ﴿أن يبدّله﴾ منكن بمجرد طلاقه لكن من غير ان تحوجه إلى التفتيش تبديلاً مبالغاً فيه بما أشارت إليه قراءة نافع وأبي جفعر وأبي عمرو بالتشديد، فهي أبلغ من قراءة الباقين بالتخفيف الدال على مطلق الإبدال الصالح للمبالغ فيه وغيره، ومن التشريف أيضاً إضافة الطلاق إليه والإبدال إلى الله مع التعبير بصفة الإحسان وتخصيص الإضافة! بضميره.
ولما كان الأوجع لقب الحرة حرة مثلها لا سرية قال :﴿أزواجاً﴾ ولما كان علوها عليها في الرتبة هو النهاية في التأسيف قال :﴿خيراً﴾ ودل على أنها للتفضيل بقوله :﴿منكن﴾ وهذا على سبيل الفرض وعام في الدنيا والآخرة فلا يتقضي وجود من هو خير
٤٩


الصفحة التالية
Icon