منهن مطلقاً وإن قيل بوجود في خديجة رضي الله عنها لما جرب من تحاملها على نفسها في حقه ﷺ وبلوغها في حبه والأدب معه ظاهراً وباطناً النهاية القصوى ومريم عليها السلام التي أحصنت فرجهاحتى كانت من القانتين، وذلك في الآخرة، والكلام خارج مخرج الشرط بالطلاق وقد علم سبحانه أنه لا يقع لكنه سبحانه علم أنه لو وقع أبدله ﷺ من هو بالصفات المذكورة المقتضية للإخلاص في طاعته كما أشار إليه " قانتات " ولا شك أن من لازم طاعته وقيد الاتصال به في الدارين كان خيراً من غيره، وتعليق تطلق الكل لا يدل على أنه لم يطلق حفصة رضي الله عنها فقد روي أنه طلقها ولم يزدها ذلك إلا فضلاً من الله تعالى لأن الله تعالى أمره بأن يراجعها لأنها صوامة قوامه - والله الموفق.
ولما وعد بما ذكر، وكان أول منظور إليه الظاهر، فصل ذلك الوعد وفسر الخيرية بادئاً بقوله :﴿مسلمات﴾ أي ملقيات لجميع قيادهن ظاهراً وباطناً لله ولرسوله ﷺ على وجه الخضوع.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٧
ولما كان المشاهد من الإسلام إنما هو الظاهر قال :﴿مؤمنات﴾ أي راسخات في القوة العلمية بتصديق الباطن.
ولما كان ذلك قد يكون فيه نوع شوب قال :﴿قانتات﴾ أي مخلصات في ذلك لا شائبة في شيء منه فهن في غاية ما يكون من إدامة الطاعة له من الذل والانكسار والمبادرة إلى امتثال أمره ﷺ في المنشط والمكره.
ولما كان الإنسان مجبولاً على النقصان، وكان الإخلاص يدل صاحبه على تقصيره فكان ربما فتره ذلك، قال تسهيلاً لخدمته وتقريباً لدوام طاعته معلماً الأدب لمحتاجه ﴿تائبات﴾ أي راجعات من الهفوات او الزلات سريعاً إن وقع منهن شيء من ذلك.
ولما كان هذا مصححاً للعبادة لدوامها قال :﴿عابدات﴾ أي مديمات للعبادة بسبب إدامة تجديد التوبة.


الصفحة التالية
Icon