ولما كان لا دواء لذلك مثل تذكر الجزاء، قال معرفاً أن الإنسان لا يزال مفتقراً إلى مولاه في حايته ومماته وغناه وفقره، محذراً له سوء حالاته مؤكداً لأجل إنكارهم ذلك :﴿إن إلى ربك﴾ أي المحسن إليك بالرسالة التي رفع بها ذكرك، لا إلى غيره من التراب ونحوه ﴿الرجعى *﴾ أي الرجوع الأعظم الثابت الذي لا محيد عنه، أما في الدنيا فلا محيد عن الإقرار به، فإنه لا يقدر أحد على شيء إلا بتقديره، وأما في الآخر فبما أثبت في برهانه في سورة التين، فيحاسب الناس بأعمالهم، ويجازي كل أحد بما يستحق من ثواب أو عقاب، ففيه وعيد للطاغي وتحقير - لغنى ينقطع.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٧٨
ولما أخبر بطغيانه وعجل بذكر دوائه لأن المبادرة بالدواء لئلا يتحكم الداء واجبة،
٤٨٣
دل على طغيانه مخوفاً من عواقب الرجعى في أسلوب التقرير لأنه أوقع في النفس وأروع للّب لأن أبا جهل قال :" لئن رأيت محمداً يعفر وجهه لأفضخن رأسه بصخرة، فجاء ليفعل ما زعم فنكص على عقبيه ويبست يداه على حجره فسئل عما دهاه، فقال : إن بيني وبينه لهولاً وأجنحة، وفي رواية : لخندقاً من النار، وفي رواية : لفحلاً من الإبل، فما رأيت مثله، ولو دنوت منه لأكلني " وأصل الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، فقال :﴿أرءيت﴾ تقدم في الأنعام أن هذا الفعل إذا لم يكن بصرياً كان بمعنى اخبر، فالمعنى : أخبرني هل علمت بقلبك علماً هو في الجلاء كرؤية بصرك ﴿الذي ينهى *﴾ أي على سبيل التجديد والاستمرار.


الصفحة التالية
Icon