ولما كان أفحش ما يكون صد العبد عن خدمة سيده، قال معبراً بالعبودية منكراً للمبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال العبودية :﴿عبداً﴾ أي من العبيد ﴿إذا صلّى *﴾ أي خدم سيده الذي لا يقدر أحد أن ينكر سيادته بإيقاع الصلاة التي هي وصلته به، وهي أعظم أنواع العبادة لأنها مع كونها أقرب وصلة إلى الحق انقطاع وتجرد بالكلية عن الخلق، فكان نهيه له عن ذلك نهياً عن أداء الحق لأهله حسداً أو بغياً، فكان دالاًّ على أن من طبع أهل كل زمان عداوة أهل الفضل وصدهم عن الخير لئلا يختصون بالكمال.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٧٨
ولما كان هذا أمراً خارجاً عن الحد في الطغيان، وكان السؤال إنما هو عن رؤية حاله في نهيه العبد عن الصلاة، لا عن رؤية ذاته، فتشوف السامع إلى معرفة ذلك الحال، كرر التقرير بزيادة التعجيب منحاله والتحذير، فقال مكرراً العامل زيادة في التأكيد وبياناً لأن هذا في الحقيقة أول السؤال عن الحال :﴿أرءيت﴾ أي أخبرني عن حاله ﴿إن كان﴾ أي هذا الناهي، وعبر بأداة الاستعلاء إشارة إلى أنه في غاية الثبات والتمكن فقال :﴿على الهدى *﴾ أي الكامل في الهداية فكف عن نهي هذا المصلي عن خدمة مولاه الذي هو معترف بسيادته وإن ادعى كذباً أن له شريكاً كما أنه لا ينهى عن السجود للأصنام.
ولما ذكر ما لعله يكون عليه في تكميل نفسه، ذكر ما لعله يعانيه من إنجاء غيره فقال :﴿أو أمر﴾ أي ذلك الناهي ﴿بالتقوى *﴾ أي التي هي عماد الدين، وهي عمارة
٤٨٤