ولما كان الرضا إذا كان من الجانبين، كان أتم وأعلى لهم قال :﴿ورضوا عنه﴾ لأنهم لم يبق لهم أمنية إلا أعطوهموها مع علمهم أنه متفضل في جميع ذلك، لا يجب عليه لأحد شيء ولا يقدر أحد حق قدره، فلو أخذ الخلق بما يستحقونه أهلكهم، وأعظم نعمه عليهم ما منّ عليهم به من متابعتهم رسول الله ﷺ، فإن ذلك كان سبباً لكل خير.
ولما كان ذلك ربما ادعى أنه لناس مخصوصين في زمان مخصوص، قال معمماً له ومنبهاً على الوصف الذي كان سبب أعمالهم التي كانت سبب جزائهم :﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي الذي جوزوا به ﴿لمن خشي ربه *﴾ أي خاف المحسن إليه خوفاً يليق به، فلم يركن إلى التسويف والتكاسل، ولم يطبع نفسه بالشر بالجري مع الهوى في التطعم بالمحرامات بل كان ممن يطلب معالي الأخلاق فيستفتي قلبه فيما يرضي ربه، فكان تواتر إحسانه يزيده خوفاً فيزيده شكراً، فإن الخشية ملاك الأمر، والباعث على كل خير،
٥٠١


الصفحة التالية
Icon