ولما كان الاضطراب العظيم يكشف عن الخفي في المضطرب قال :﴿وأخرجت﴾ وأظهر ولم يضمر تحقيقاً للعموم فقال :﴿الأرض﴾ أي كلها ﴿أثقالها﴾ أي مما هو مدفون فيها كاأموات والكنوز التي كان أمرها ثقيلاً على الناس، وهو جمع ثقل بالكسر، وذلك حين يكون البعث والقيام متأثراً ذلك الإخراج عن ذلك الزلزال، كما يتأثر عن زلزال البساط بالنفض إخراج ما في بطنه وطيه وغضونه من وسخ وتراب وغيره، وما كان على ظهرها فهو ثقل لعيها لأنها يعطيها الله قوة إخراج ذلك كله كما كان يعطيها قوة أن تخرج النبت الصغير اللطيف الطري الذي هو أنعم من الحرير فيشق الأرض الصلبة التي تكل عنها المعاول والحديد، ويشق النواة مع ما لها من الصلابة التي تستعصي بها على الحديد فينفلق نصفين وينبت منها منا يريده سبحانه وتعالى، ويفلق قشر الجوز واللوز ونوى الخوخ وغيره ما هو في غاية الصلابة كما نشاهده، ويخرج منه الشجرة بشق الأرض على ضعفه ولينه وصلابتها وبكونه على ظهرها حتى يصير أغلظ شيء واشده، وكذا الحب سواء، فالذي قدر على ذلك هو سبحانه وتعالى قادر على تكوين الموتى في بطن الأرض وإعادتهم على ما كانوا عليه كما يكون الجنين في البطن ويشق جميع منافذه على التحذير من السمع والبصر والفم وغير ذلك من غير أن يدخل إلى هناك بيكار ولا منشار، ثم يخرج من البطن، فكذا إخراج الموتى من غير فرق، كل عليه هين - سبحانه ما أعظم شأنه وأعز سلطانه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٠٤


الصفحة التالية
Icon