وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : أقسم سبحانه على حال الإنسان بما هو فقال :" إن الإنسان لربه لكنود " أي لكفور، يبخل بما ليده من المال كأنه لا يجازي ولا يحاسب على قليل ذلك وكثيره من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وكأنه ما سمع بقوله تعالى :﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره﴾ ﴿وأنه لحب الخير﴾ أي المال ﴿لشديد﴾ لبخيل، روإنه على ذلك لشهيد} فإن الله على ذلك لمطلع فلا نظر في أمره واقبة مآله ﴿إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور﴾ أي ميز ما فيها من الخير والشر ليقع الجزاء عليه ﴿إن ربهم بهم يومئذ لخبير﴾ لا يخفى عليه شيء من أمرهم ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره﴾ - انتهى.
ولما كان إقدام الإنسان على الظلم عجباً، فإذا كان يشهد على نفسه بالظلم كان أعجب، قال مؤكداً لما لأكثر الخلق قبل البعث والمحاقفة من إنكار كفرانه :﴿وإنه﴾ أي
٥١٠
الإنسان ﴿على ذلك﴾ أي الكنود العظيم حيث اقدم على مخالفة الملك الأعظم المحسن مع الكفر لإحسانه ﴿لشهيد *﴾ لأنه مقر إذا حوقق بأن جميع ما هو فيه من إحسان ربه وبأن ربه نهاه عن المخالفة، أو أنه لا أمر عنده منه بما فعل، وأنه لا ينبغي لعاقل أن يتحرك بحركة يمكن أن يكرهها الملك الذي هو في خدمته ولا شيء له إلا منه بغير إذنه، وأنه إن تحرك بغير ذلك كان كافراً لإحسانه مستحقاً لعقابه، لا يقدر على إنكار شيء منه.


الصفحة التالية
Icon