الفيل، وعدم الحض على إطعامه فإنما هو فعل البخيل الذي سحب أن ماله أخلده، والسهو عن الصلوات من ثمرات إلهاء التكاثر، والشغل بالأموال والأولاد، فنهى عباده عن هذه الرسائل التي يثمرها ما تقدم والتحمت السور - انتهى.
٥٤٢
ولما كان المراد بهذا الجنس، وكان من المكذبين من يخفي تكذيبه، عرفهم بأمارات تنشأ من عمود الكفر الذي صدر به ويتفرع منه تفضحهم، وتدل عليهم وإن اجتهدوا في الإخفاء وتوضحهم، فقال مسبباً عن التكذيب ما هو دال عليه :﴿فذلك﴾ أي البغيض البعيد من كل خير ﴿الذي يدع﴾ أي يدفع دفعاً عنيفاً بغاية القسوة ﴿اليتيم *﴾ ويظلمه ولا يحث على إكرامه لأن الله تعالى نزع الرحمة من قلبه، ولا ينزعها إلا من شقي لأنه لا حامل على الإحسان إليه إلا الخوف نم الله سبحانه وتعالى، فكان التكذيب بجزائه سبباً للغلظة عليه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٤١
ولما كانت رحمة الضعفاء علامة على الخير، ولذلك قال النبي ﷺ "اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين" كانت القسوة عليهم علامة على الشر، وكان من بخل باللين في قاله أشد بخلاً بالبذل من ماله، قال معرفاً لأن المكذب ينزله تكذيبه إلى أسفل الدركات، وأسوإ الصفات الحامل على شر الحركات :﴿ولا يحض﴾ أي يحث نفسه وأهله ولا غيرهم حثاً عظيماً يحمى فيبعث على المراد ﴿على طعام المسكين *﴾ أي بذله له وإطعامه إياه بل يمقته ولا يكرمه ولا يرحمه، وتعبيره عن الإطعام - الذي هو المقصود - بالطعام الذي هو الأصل وإضافته المسكين للدلالة على أنه يشارك الغني في ماله بقدر ما فرض الله من كفايته، وقد تضمن هذا أن علامة التكذيب بالبعث - إيذاء الضعيف والتهاون بالمعروف، والآية من الاحتباك : الدع في الأول يدل على المقت في الثاني : والحض في الثاني يدل على مثله في الأول.