سورة الكافرون
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٥٢
لما أخبره في الكوثر أن العريق في شنآنه عدم، وجب أن يعرض عنه ويقبل بكليته على من أنعم عليه بذلك، فقال معلماً له ما يقول ويفعل :﴿قل﴾ ولما كان شائنه أعرق الخلق في الضلال والبعد من الخير، قال منادياً له بأداة البعد وإن كان حاضراً معبراً بالوصف المؤذن بالرسوخ :﴿يا أيها الكافرون﴾ أي الذين قد حكم بثباتهم على الكفر فلا انفكاك لهم عنه فستروا ما تدل عليه عقولهم من الاعتقاد الحق لو جردوها من أدناس الحظ، وهم كفرة مخصوصون وهم من حكم بموته على الكفر بما طابقه من الواقع، وبما دل عليه التبعير بالوصف دون الفعل، واستغرقت اللام كل من كان على هذا الوصف في كل مكان وكل زمان، وإنما عبر بالجمع الذي هو أصل في القلة وقد يستعار للكثرة إشارة إلى البشارة إلى البشارة بقلة المطبوع على قلبه من العرب المخاطبين بهذا في حياته ﷺ وإشارة إلى حقارة الكافر وذلته وإن كان كثيراً - كما يشير إليه جعل كل كلمة منها بحرف من الكوثر كا سيأتي، وفي مناداتهم بهذا الوصف الذي يسترذلونه في بلدتهم ومحل عزهم وحميتهم إيذان بأنه محروس منهم علماً من أعلام النبوة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٥٤