وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما انقضى ذكر الفريقين المتردد ذكرهما في الكتاب العزيز من أوله إلى آخره على اختلاف أحوال كل فريق وشتى درجاتهم، وأعني بالفريقين من أشير إليه في قوله سبحانه وتعالى :﴿اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم﴾ فهذا طريق أحد الفريقين، وفي قوله :﴿غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ إشارة إلى طريق من كان في الطرف الآخر من حال أولئك الفريق إذ ليس إلا طريق السلامة أو طريق الهلاك ﴿فريق في الجنة وفريق في السعير﴾ [الشورى : ٧] ﴿فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ [التغابن : ٢] والسالكون طريف السلامة فأعلى درجاتهم مقامات الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم يليهم أتباعهم من صالحي العباد وعلمائهم العاملين وعبادهم وأهل الخصوص منهم والقرب من أحوال من تنسك منهم، ورتبتهم مختلفة وإن جمعهم جامع وهو قوله :﴿فريق في الجنة﴾ وأما أهل التنكب عن هذا الطريق وهم الهالكون فعلى طبقات أيضاً، ويضم جميعهم طريق واحد فكيفما تشعبت الطرف فإلى ما ذكر من الطريقين مرجعهما، وباختلاف سبل الجميع عرفت آي الكتاب وفصلت، ذكر كله تفصيلاً لا يبقى معه ارتياب لمن وفق، فلما انتهى ذلك كله بما يتعلق به، وتداولت بيانه الآي من لدن قوله بعد أم القرآن ﴿هدى للمتقين﴾ [البقرة : ٢] إلى قوله :﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ أتبع ذلك بالتفاصيل والتسجيل فقال تعالى :
٥٥٤