سورة الفلق
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٠٢
أمر بالتعوذ برب هذا الدين، موافقة لإياك نعبد وإياك نستعين، من شر ما يقدح فيه بضرر في الظاهر أو في الباطن وهم الخلائق حتى على الفنا في الغنا، وبدأ بما يعم شياطين الإنس والجن في الظاهر والباطن، ثم اتبع بما يعم القبيلين ويخص الباطن الذي يستلزم صلاحه صلاح الظاهر، إعلاماً بشرف الباطن على وجه لا يخل بالظاهر، وفي ذلك إشارة إلى الحث على معاودة القراءة من أول القرآن كما يشير إليه قوله تعالى :﴿فإذا قرأت القرآن﴾ - أي أردت قراءته - ﴿فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم﴾ [النحل : ٩٨] فقال تعالى :﴿قل﴾ أي لكل من يبلغه القول من جميع الخلائق تعليماً لهم وأمراً، فإنهم
٦٠٣
كلهم مربوبون مقهورون لا نجاة لهم في شيء من الضرر إلا بعصمته سبحانه وتعالى، فعلى كل منهم أن يفزع أول ما تصيبه المصيبة إلى مولاه القادر على كشفها تصحيحاً لتوكله فإنه يرتقي بذلك إلى حال الرضا بمر القضاء، ولا يأخذ في الاعتماد على جلادته وتدبيره بحوله وقوته فإنه يشتد أسفه ولا يرد ذلك عنه شيئاً :﴿أعوذ﴾ أي أستجير وألتجئ وأعتصم وأحترز.


الصفحة التالية
Icon