في فتنة ابن الفارض، وكلهم معاند معارض، وألبوا عليّ رعاع الناس، فاشتد شعاع البأس،
٦٢٠
فكادوا أن يطبقوا على الانعكاس، وصوبّوا طريق الإلحاد، وبالغوا في الرفع من أهل الاتحاد، ولجوا بالخصام في العناد، وأفتوا بمحض الباطل، وبثوا السم القاتل، إلا ناساً قليلاً كان الله بنصرهم على ضعفهم كفيلاً، فسألتهم سؤالاً، جعلهم ضلالاً جهالاً، فتداولوه فيما بينهم وتناقلوه وعجزوا عن جوابه بعد أن راموه أشد الروم، وحاولوه فظهر لاكثر الناس حالهم، واشتهر بينهم ضلالهم، وغيهم الواضح ومحالهم، وصنفت في ذلك عدة مصنفات، بانت فيها مخازيهم وظهرت المخبآت، منها " صواب الجواب للسائل المرتاب " ومنها " القارض لتكفير ابن الفارض " ومنها " تدمير المعارض في تكفير ابن الفارض " ومنها " تنيه الغبي على تكفير ابن عربي " ومنها " تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد " أنفقت فيها عمراً مديداً، وبددوا فيها أوقاتي - بددهم الله تبديداً، وهدد أركانهم وأعضادهم تهديداً، وقرعتهم بالعجز عن الجواب، الكاشف للارتياب، صباحاً ومساءً، وإعادة وإبداء، فحملهم التقريع، والتوبيخ والتبخيع، على كتابه جواب، لم يخل من ارتجاج واضطراب، وشك وارتياب، بينت أن جامعه أخطأ في جميعه الصواب، وكفر في أربعة مواضع كفراً صريحاً، وكذب في ثمانية فصار بذلك جريحاً، بل هالكاً طريحاً، فأطلت بذلك التقريع، والتوبيخ والتبشيع، فذلت أعناقهم، وضعف شقاقهم، وخفي نفاقهم، غير أنه حصل في كل واحدة من هذه الوقائع، من الشرور وعجائب المقدور، ما غطى ظلامه الشموس الطوالع.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦١١
وطال الأمر في ذلك سنين، وعم الكرب حتى كثر الأنين، والتضرع في الدعاء والحنين، وثبّت الله ورزق الصبر والأناة حتى أكمل هذا الكتاب، على ماتراه من الحسن والصواب.