" صفحة رقم ٢٠٩ "
قال الفرّاء : يُقال لكل من أحدث ديناً : قد صبأ وأصبأ بمعنى واحد، وأصله الميل، وأنشد :
إذا أصبأت هوادي الخيل عنّا
حسبت بنحرها شرق البعير
واختلفوا في الصّابئين من هم :
قال عمر : هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب، وبه قال السدي.
وقال ابن عباس : لا تحل ذبائحهم ولا مناكحة نسائهم.
وقال مجاهد : هم قبيلة نحو الشّام بين اليهود والمجوس لا دين لهم.
وقال السدي : هم طائفة من أهل الكتاب، وهو رأي أبي حنيفة.
وقال قتادة ومقاتل : هم قوم يقرّون بالله عزّ وجلّ، ويعبدون الملائكة، ويقرأون الزبور ويصلّون إلى الكعبة، أخذوا من كل دين شيئاً.
الكلبي : هم قوم بين اليهود والنصارى، يحلقون أوساط رؤوسهم ويُحبّون ذاكرهم.
عبد العزيز بن يحيى : درجوا وانقرضوا فلا عين ولا أثر.
) من آمن بالله واليوم الآخر ( اختلفوا في حكم الآية ومعناها، ولهم فيها طريقان :
أحدهما : إنّه أراد بقوله ) إنّ الذين آمنوا ( على التحقيق وعقد التصديق، ثم اختلفوا في هؤلاء المؤمنين من هم ؟ فقال قوم : هم الذين آمنوا بعيسى ثم لم يتهوّدوا ولم يتنصّروا ولم يصبئوا، وانتظروا خروج محمد ( ﷺ )
وقال آخرون : هم طلاّب الدين، منهم : حبيب النجّار، وقيس بن ساعدة، وزيد بن عمرو ابن نفيل، وورقة بن نوفل، والبراء السّندي، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، ويحيى الراهب، ووفد النجاشي. آمنوا بالنبي ( ﷺ ) قبل مبعثه، فمنهم من أدركه وتابعه، ومنهم من لم يدركه.
وقيل : هم مؤمنو الأمم الماضية.
وقيل : المؤمنون من هذ الأُمة.
) والذين هادوا ( يعني الذين كانوا على دين موسى ج ولم يبدّلوا ولم يغيّروا.
) والنصارى ( : الذين كانوا على دين عيسى ج ولم يبدّلوا وماتوا على ذلك.
قالوا : وهذان اسمان لزماهم زمن موسى وعيسى ( عليهما السلام )، حيث كانوا على الحق


الصفحة التالية
Icon