" صفحة رقم ٢٢٣ "
المشركون : إنّ محمداً ودعّه ربّه وقلاه، ولو كان أمره من الله لتتابع عليه كما كان يفعل بمن قبله من الأنبياء.
وقال المسلمون : يا رسول الله أما ينزل عليك الوحي ؟ فقال :( وكيف ينزل عليّ الوحي وأنتم لا تنقون براجمكم ولا تقلّمون أظفاركم )، فأنزل الله سبحانه جبرائيل ( عليه السلام ) بهذه السورة فقال النبي ( ﷺ ) ( يا جبرائيل ما جئت حتى اشتقت إليك )، فقال جبرائيل ( عليه السلام ) : وأنا كنت إليك أشدّ شوقاً ولكني عبد مأمور وما ننزل إلاّ بأمر ربّك.
أخبرنا عبدالله بن حامد قال : أخبرنا محمد بن يعقوب قال : حدّثنا الحسن بن علي بن عفان قال : حدّثنا أبو أُسامة، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، أنه سمع جندب بن سفيان يقول : رمي النبي ( ﷺ ) بحجر في إصبعه، فقال :
( هل أنتِ إلاّ إصبع دميتِ
وفي سبيل الله مالقيتِ )
فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم ( الليل )، فقالت له امرأة : يا محمد ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ليال. وقيل : إنّ المرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة أبي لهب، فأنزل الله سبحانه ) والضحى (. يعني النهار كلّه، دليله قوله ) والليل إذا سجى ( فقابله بالليل، نظيره قوله ) أن يأتيهم بأسنا ضحى ( أي نهاراً، وقال قتادة ومقاتل : يعني وقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس، واعتدال النهار من الحر والبرد في الشتاء والصيف، وقيل : هي الساعة التي كلّم الله فيها موسى، وقيل : هي الساعة التي أُلقي السحرة فيها سجّدا، بيانه قوله سبحانه :) وأن يحشر الناس ضحى ( وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله : بإضمار الربّ مجازه : وربّ الضحى.
الضحى :( ٢ ) والليل إذا سجى
) والليل إذا سجى ( قال الحسن : أقبل بظلامه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، الوالبي عنه : إذا ذهب الضحّاك : غطّى كلّ شيء، مجاهد وقتادة وابن زيد : سكن بالخلق واستقر ظلامه، يقال : ليل ساج، وبحر ساج إذا كان ساكناً، قال الراجز :
يا حبذا القمراء والليل الساج
وطرق مثل ملاء النسَّاج
وقال أعشى بني ثعلبة :
فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمّكم
وبحرك ساج ما يواري الدّعامصا