" صفحة رقم ١٠٤ "
لام الابتداء أدخلت على ما الخبر كقول القائل : لزيد أفضل منك، وما آتيتكم والذي بعده صلة له وجوابه في قوله :) لتؤمنن به ( فإن شئت جعلت خبر ما من كتاب الله وتقول من زائدة معناها : لما آتيتكم كتاب وحكمة، ثم ابتدأ فقال :) ثم ( يعني : ثم يجيئكم، وإن شئت قلت : ثم أن جاءكم رسولٌ مصدقٌ لما معكم لتؤمنن به.
) ولتنصرنّه ( : اللام لام القسم تقديره : والله لتؤمننّ به. فأكدّ في أول الكلام بلام التأكيد، وفي آخر الكلام بلام القسم.
وقال الفرّاء : من فتح اللام جعلها لاماً زائدة لقوله : اليمين إذا وقعت على جملة صيّرت فعل ذلك الجزاء على هيئة فعل، وصيّرت جوابه كجواب اليمين، والمعنى : أي كتاب آتيتكم ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به، للاّم في قوله لتؤمننّ به.
وقال المبرّد والزجّاج : هذه لام التحقيق دخلت على ما الجزاء كما تدخل على أن، ومعناه : مهما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثمّ جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به، اللام في قوله لتؤمننّ به جواب الجزاء كقوله :) ولئن شئنا لنذهبن ( ونحوه.
وقال الكسائي : لتؤمننّ : متصل بالكلام الأول وجواب الجزاء في قوله :) فمن تولى بعد ذلك (، ومن كسر اللام فهي لام الإضافة دخلت على ما الذي، ومعناه : الذي آتيتكم يعني : أخذ ميثاق النبيين لأجل الذي أمامهم من كتاب وحكمة ثم أن جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به من بعد الميثاق ؛ لأن أخذ الميثاق بمنزلة الاستحلاف، وهو كما نقول في الكلام أخذت ميثاقك لتفعلن كذا وكذا كأنك قلت : استحلفتك لتفعلن.
وقال صاحب النظم : من كسر اللام فهو بمعنى بعد يعني : بعد ما آتيتكم من كتاب وحكمة، كقول النابغة :
توهّمت آيات لها فعرفتها
لستة أعوام وذا العام سابع
أي : بعد ستة أعوام، ومن شدد الميم فمعناه : حين آتيتكم لقوله تعالى ) آتيتكم (.
قرأ أهل الكوفة : آتيناكم على التعظيم، وقرأ الآخرون : آتيتكم على التفريد، وهو الاختيار لموافقة الخط كقوله :) وأنا معكم ( والقول مثمر في الآية على الأوجه الثلاثة تقديرها :( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ).
واختلف المفسّرون في معنى هذه الآية، فقال قوم : إنّما أخذ الميثاق على الأنبياء أن