" صفحة رقم ١٠٥ "
يصدق بعضهم بعضاً، ويأمر بعضهم بالإيمان ببعض، فذلك معنى آخر بالتصديق، وهذا قول سعيد بن جبير وطاووس وقتادة والحسن والسدّي، يدل عليه ظاهر الآية، وقال علي ( رضي الله عنه ) : لم يبعث الله نبياً آدم ومن بعده إلاّ أخذ عليه العهد في محمد ( ﷺ ) وأمره بأخذ العهد على قومه لتؤمنن به ولئن بعث وهم أحياء لينصرنّه، وقال آخرون : إنّما أخذ الميثاق على أهل الكتاب الذين أرسل منهم النبيين، وهو قول مجاهد والربيع.
قال مجاهد : هذا خلط من الكتاب وهو من قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب، قالوا : ألا ترى إلى قوله ثم ) جائكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ( وإنّما كان محمد ( ﷺ ) مبعوثاً إلى أهل الكتاب دون النبيين.
وقال بعضهم : إنّما أخذ الميثاق على النبيين وأُممهم ( ليؤمنن به )، ففرد الأنبياء عن ذكر الأمم لأن في أخذ الميثاق على المتبوع دلالة على أخذه على الأتباع، وهذا معنى قول ابن عباس وهذا أولى بالصواب.
قال الله :) أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري ( أي وقبلتم على ذلك عهدي، نظير قوله تعالى :) إن أوتيتم هذا فخذوه ( أي فاقبلوه، وقوله تعالى :) لا يؤخذ منها عدل ( أي لا يقبل منها فداء، وقوله :) يأخذ الصدقات ( أي يقبلها، ) قالوا أقررنا (.
قال الله :) فاشهدوا ( على أنفسكم وعلى أتباعكم ) وأنا معكم من الشاهدين ( عليكم وعليهم.
قال ابن عباس : فاشهدوا : يعني فاعلموا، قال الزجّاج : فاشهدوا أي فبيّنوا لأن الشاهد هو الذي عين دعوى المدّعي، وشهادة الله للنبيين بيّنوا أمر نبوتهم بالآيات والمعجزات، وقال سعيد بن المسيب : قال الله تعالى للملائكة : فاشهدوا عليهم، فتكون كناية عن غير مذكور.
آل عمران :( ٨٢ ) فمن تولى بعد.....
) فمن تولى بعد ذلك ( الإقرار والإشهاد ) فأولئك هم الفاسقون ( العاصون، الخارجون عن الإيمان.
آل عمران :( ٨٣ ) أفغير دين الله.....
) أفغير دين الله يبغون ( الآية.
قال ابن عباس : اختصم أهل الكتاب إلى رسول الله ( ﷺ ) فيما اختلفوا بينهم من دين إبراهيم ( عليه السلام ) كل فرقة زعمت أنّه أولى بدينه، قال النبي ( ﷺ ) كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم، فغضبوا وقالوا : والله ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك، فأنزل الله ) أفغير دين الله يبغون ( وهو قراءة الحسن وحميد ويعقوب وسلام وسهل وصفوان بالياء لقوله :) أولئك هم


الصفحة التالية
Icon