" صفحة رقم ١٢٥ "
وقال أهل المعاني : ابيضاض الوجوه : إشراقها واستبشارها وسرورها بعملها وثواب الله عز وجل، واسودادها حزنها وكآبتها وكسوفها بعملها وبعذاب الله تعالى يدل عليه :) للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ( الآية وقوله :) والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة (، وقوله :) وجوه يومئذ ناضرة ( ) ووجوه يومئذ باسرة (.
ثم بين حالهم ومآلهم فقال ) فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم (، فيه اختصار يعني : فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ؟ واختلفوا فيه ؛ فروى الربيع عن أبي العالية عن أُبيّ بن كعب أنهم كل من كفر بعد إيمانه بالله يوم الميثاق حين أخرجهم من صلب آدم ( عليه السلام ) وقال لهم :) ألست بربكم قالوا بلى (، فيعرفهم الله عز وجل يوم القيامة بكفرهم فيقول :) أكفرتم بعد إيمانكم ( يوم الميثاق.
قال الحسن : هم المنافقون أعطوا كلمة الإيمان بألسنتهم، وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم. وقال يونس بن أبي مسلم : سألت عكرمة عن هذه الآية فقال : لو فسرتها لم أخرج من تفسيرها ثلاثة أيام، ولكني سأُجمل لك : هؤلاء قوم من أهل الكتاب كانوا مصدقين بأنبيائهم، مصدقين بمحمد ( ﷺ ) قبل أن يبعث، ولما بعث كفروا به، فذلك قوله ) أكفرتم بعد إيمانكم (.
وقال الآخرون : هم من أهل ملتنا.
قال الحارث الأعور : سمعت علياً ( رضي الله عنه ) على المنبر يقول :( إن الرجل ليخرج من أهله فما يؤوب إليهم حتى يعمل عملاً يستوجب به الجنة، وإنّ الرجل ليخرج من أهله فما يعود إليهم حتى يعمل عملاً يستوجب به النار ). ثمّ قرأ ) يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ( الآية.
ثم نادى الذين كفروا بعد الإيمان ( أكفرتم )، يدل عليه حديث النبي ( ﷺ ) ( يأتي على أُمتي زمان يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً يبيع دينه بعرض يسير من الدنيا ).
وقال أبو أُمامة الباهلي : هم الخوارج. وقال قتادة : هم أهل البدع كلهم.
ودليل هذه التأويلات قوله :) ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة (


الصفحة التالية
Icon