" صفحة رقم ١٤ "
الدار (، وانَّهم يشاركون للفقراء المهاجرين والأنصار في الفيء ) ويقولون ربَّنا إغفر لنا ( من جملة ) الَّذين جاءوا من بعدهم (. فمعنى الآية ) والذين جاءوا من بعدهم ( وهم مع استحقاقهم الفيء ) يقولون ربَّنا إغفر لنا ( أي قائلين على الحال. فكذلك هاهنا في ) يقولون ربّنا ( أي ويقولون آمنا به.
ومما يؤيد هذا القول أنَّ اللّه تعالى لم ينزل كتابه إلاّ لينتفع له مبارك، ويدل عليه على المعنى الذي ارادهُ فقال :) كتابٌ أنزلناهُ إليك مبارك ليدَّبِّروا آياته (، وقال :) بلسان عربي مبين (.
والمبين الظاهر، وقال :) بكتاب فصلناه (. فوصف جميعهُ بالتفصيل والتبيين وقال :) لتبيَّن للناس ما نزل إليهم (.
ولا يجوز أن تبَّين مالا يعلم، وإذا جاز أن يعرفهُ الرسول صلى اللّه عليه وسلَّم مع قوله لا يعلمهُ إلاّ اللّه، جاز أن يعرفهُ الربانيون من أصحابه.
وقال :) إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ( ولا تؤمر باتَّباع مالا يُعلم ؛ ولأنَّه لولم يكن للراسخين في العلم هذا لم يكن لهم على المعلمين والجهال فضلُ ؛ لأنهم ايضاً يقولون آمنا به.
) كلَّ من عند ربَّنا ( : ولأنَّا لم نر من المفسرين على هذه الغاية ( قوماً ) يوفقوا عن شيء من تفسير القرآن وقالوا : هذا متشابه لا يعلمهُ إلاّ اللّه، بل أعزوه كله وفسروه حتى حروف التهجي وغيرها.
وكان ابن عباس يقول : في هذه الآية : أنا من الراسخين في العلم.
وقرأ مجاهد هذه الآية وقال : أنا ممّن يعلم تأويله.
وروى سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : كل القرآن أعلم ولا أعلم أربعة : غسلين، وحناناً، والاوَّاه، والترقيم. وهذا إنَّما قال ابن عباس في وقت ثم علمها بعد ذلك وفسرَّها.
وقال آخرون : الواو في قوله ) والراسخون في العلم ( واو الاستئناف وتم الكلام، وانقطع عند قوله :) وما يعلم تأويلهُ إلاّ اللّه (. ثم إبتدأ وقال :) والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلّ