" صفحة رقم ٣٦٩ "
) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ( لأن تحية المؤمن السلام بها يتعارفون وبها يحيي بعضهم بعضاً.
قال : ابن سيرين : إنما قال :( إليكم ) لأنه سلّم عليهم رجل فقتلوه ومن قرأ السّلام فمعناه المقادة يعني يطلبون بذلك الغنم والغنيمة وسلب وعرض الدنيا منافعها ومتاعها، ويقال : العرض ماسوى الدراهم والدنانير ) فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ( يعني ثواباً كثيراً لمن ترك قتل المؤمن ) كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ ( تأمنون في قومكم من المؤمنين بلا إلاه إلاّ الله قبل الهجرة فلا تخيفوا من قالها، فنهاهم أن يخيفوا أحداً بأمر كانوا يأمنون بمثله وهم في قومهم ) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ ( بالهجرة ) فَتَبَيَّنُوا ( أن تقتلوا مؤمناً ) إنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ ( من الخير والشر ) خَبِيراً (.
روى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً (، قال : حرّم الله على المؤمن أن يقول لمن عهد أن لا إلاه إلاّ الله : لست مؤمناً، كما حرّم عليهم الميتة فهو آمن على ماله ودمه فلا يردّوا عليه قوله ( وهو مؤمن ).
زعم ابن ( سيرين ) هو القول بهذه الآية.
وقالوا لما قال الله ) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ ألْقَى إلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ( منعهم من قبلهم بعد اظهارهم الإسلام ولم يكن ذلك إلاّ قولهم فلولا أن الإيمان هو القول، وذلك أن القوم لما شكّوا في حال أصله كان هذا القول منه تعوذاً ؟ فقتلوه والله تعالى لم يجعل إلى عبده غير الحكم بالظاهر.
وقد قال رسول الله ( ﷺ ) ( أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلاّ الله ) وليس في ذلك أن الإيمان هو الإقرار فقط ). ألا ترى أنّ المنافقين كانوا يقولون هذا القول. ثم لم يكن ذلك ايماناً منهم.
وقد تبين من معنى هذه الآية ان النبي ( ﷺ ) قال :( هلا شققت عن قلبه ) فثبت أن الإيمان هو الإقرار وغيره، وأنّ حقيقة التصديق بالقول، ولكن ليس للعبد حكم إلاّ على ما سمعه منه فقط، وفي هذه الآية ردٌّ على أهل القدر وهو أنّ الله تعالى أخبر أنه منَّ على المؤمنين من بين جميع الخلق. ممن خصّهم بالتوفيق فصاروا مخصوصين بالإيمان وأنّ الله لو خلق الخلق كلّهم للإيمان. كما زعمت القدرية فما معنى اختصاصهم بالمنة من بين الخلق كلّهم، وبالفصل بينهم وبين من قال إنّ المتنعم في الإيمان بالله إذ كانوا مساوين لغيرهم في جميع المعاني فأقروا ولم يعاندوا كما عاند غيرهم منع مساواتهم لهم في جميع المعاني


الصفحة التالية
Icon