" صفحة رقم ٣٨٦ "
دنانير فأمسكوا به فأخذ وأُلقي في البحر، ويقال إنه نزل في حرة بني سليم وكان يعبد صنماً لهم إلى إن مات، فأنزل الله فيه ) إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ( فنزل فيه ) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أيْدِيَهُمَا ( الآية.
جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله ) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ( : نزلت هذه الآية في نفر من قريش، قدموا على رسول الله ( ﷺ ) المدينة ودخلوا في الإسلام، فأعطاهم رسول الله ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين ورجعوا إلى عبادة الاوثان، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ) ومن يشاقق الرسول ) أي يفارق الرسول، ويعاديه ويحاربه ( من بعد ما تبين له الهدى ( يعني من بعد ماوضح له إن محمد عبده ورسوله ) وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ ( أي غير طريق المسلمين ) نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ( أي نكله إلى الأصنام يوم القيامة، وهي لا تملك ضراً ولانفعاً ولا ينجيهم من عذاب الله ونصله جهنم بعبادة الأصنام.
) وَسَاءَتْ مَصِيراً ( يعني بئس المنزل حلوا به يوم القيامة.
النساء :( ١١٦ ) إن الله لا.....
الضحاك عن ابن عباس : قوله تعالى ) إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ( قال : إن شيخاً من الاعراب جاء إلى رسول الله ( ﷺ ) فقال : يانبي الله أني شيخ منهمك في الذنوب والخطايا إلاّ إني لم اشرك بالله شيئاً منذ عرفته، وآمنت به ولم اتخذ من دونه ولياً ولم أواقع المعاصي جرأة على الله ولا مكابرة له ولا توهمت طرفة عين، إني أعجز الله هرباً وإني لنادم تائب مستغفر فما حالي عند الله ؟ فأنزل الله عز وجل ) إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ( والشرك ذنب لا يغفر لمن مات عليه ) ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً ( يعني فقد ذهب عن الطريق وحرم الخير كله.
واعلم أن في قوله تعالى ) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ( دليل على قوة حجة الاجماع وفي قوله :) إن الله لايَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ( دليل على فساد قول الخوارج حين زعموا أن مرتكب الكبيرة كافر وذلك قوله عز وجل قال :) إنّ اللهَ لايَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ( ففرّق بين الشرك وسائر الذنوب وحَتم على نفسه بأن لايغفر الشرك.
لو كان الكبيرة كفراً لكان قوله ) إن الله لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بهِ ( مستوعباً فلما فرّق بين الشرك وسائر الذنوب بان فساد قولهم، وقد بيّن الله تعالى بأنه الشرك في آخر القصة وهو قوله ) إنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلاَّ إنَاثاً وَإنْ يَدْعُونَ إلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً ( وقد علم أن صاحب الكبيرة غير مستحل لها فلم يجز أن يكون حكمه حكم الكافر، وفيه دليل على فساد قول المعتزلة في المنزلة ( بين الشرك والإيمان ) إذ الله تعالى لم يجعل بين الشرك والإيمان منزلة ولم يجعل الذنوب ضداً للإيمان


الصفحة التالية
Icon