" صفحة رقم ٣٨٧ "
وكان فيه فساد قول من جعل الكبيرة الكفر، وفيه دليل على فساد قول المرجئة حين قالوا : إن المؤمن لايعذّب، وإن كان مرتكباً للذنوب. لأن الله أخرج المشرك من المشيئة وجعل الحكم فيه حتماً، فلو لم يجز تعذيب المؤمن المذنب لأخرجه من باب الاستثناء وأطلق الحكم فيه كما ( علّقه ) في الشرك، وفيه دليل على فساد قول الوعيدية وقد ذكرناه من قبل.
النساء :( ١١٧ ) إن يدعون من.....
ثم نزلت في أهل مكة ) إن يدعون إلاّ إناثاً ( من دونه كقوله تعالى ) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُو نِي أسْتَجِبْ لَكُمْ ( أي اعبدوني أستجب، لكم يدلّ عليه قوله بعده ) إن الذين يستكبرون عن عبادتي ( من دونه، أي من دون الله وكان في كل واحدة فيهن شيطان يتراءى للسَدنة والكهَنة يكلمهم فذلك قوله ) وَإنْ يَدْعُونَ إلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً ( وكان المشركون يدعون اصنامهم باسمها وكان هذا قول مجاهد والكلبي وأكثر المفسرين.
ويدل على صحة هذا التأويل قراءة ابن عباس : إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً جمع الوثن فصيّر الواو همزة كقوله أقب ووقب.
وأصله وثن وقرئت إنثا على جمع الإناث كمثل مثال ومثل وثمار وثمر. قال الحسن وقتادة وأبو عبيدة : إن يدعون من دونه إلاّ إناثاً يعني أمواتاً لاروح فيه خشبة وحجر ومدر ونحوها.
وذلك إن الموات كلها يخبر عنها كما يخبر عن المؤنث يقول من ذلك الأصنام متعجبين، فإن يدعون وما تعبدون إلاّ شيطاناً مريداً والمريد المارد فقيل : بمعنى فاعل. نحو قدير وقادر وهو الشديد العاتي الخارج من الطاعة. يقال : مرد الرجل يمرد مروداً ومراده إذا عتى وخرج من الطاعة وأصل المريد من قول العرب : حدثنا ممرد أي مملس.
ويقال : شجرة مردا إذا يتناثر ورقها، ولذلك سمي من لم تنبت لحيته أمرد، أي أملس موضع اللحية.
فالمراد : الخارج من الطاعة المتملّص منها.
٢ ( ) لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لاََتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً وَلاَُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلاََمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الاَْنْعَامِ وَلاََمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً أُوْلَائِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا