" صفحة رقم ٤٠ "
وقال معاذ بن جبل : أحتبستُ عن رسول اللَّه ( ﷺ ) يوماً لم أصلِّ معهُ الجمعة. فقال : يا معاذ ما منعك من صلاة الجمعة ؟ قلت : يا رسول اللَّه كان ليوحنا اليهودي عليَّ أوقية ( من تبر )، وكان على بابي يرصدني، فأشفقت أن يحبسني دونك. فقال :( أتحب يا معاذ أنْ يقضي اللَّه دينك ؟ ). قلت : نعم يا رسول اللَّه. قال : قل ) اللهم مالك الملك (.. إلى قوله :) بغير حساب (، وقل :( يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها تُعطي منها ما تشاء وتمنع منها ما تشاء، أقضِ عني دَيني. فإنْ كان عليك ملىء الأرض ذهباً قضاهُ اللَّه عنك ).
قال قتادة : ذُكر لنا أنَّ النبي ( ﷺ ) سأل ربه أنْ يجعل مُلك فارس والروم في أمته، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
وقال ابن عباس، وأنس بن مالك : لما فتح رسول اللَّه ( ﷺ ) مكة ووعد أمته مُلك فارس والروم. قالت : المنافقين واليهود : هيهات هيهات من أينَ لمحمد مُلك فارس، هم أعزَّ وأمنع من ذلك، ألم يكف محمداً مكة والمدينة حتى طمع في مُلك فارس والروم. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
وروى كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، قال : خطّ رسول اللَّه ( ﷺ ) الخندق في عام الأحزاب. ثمّ قطع أربعين ذراعاً بين كلّ عشرة، قال : فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال المهاجرون : سلمان مِنّا. وقال الأنصار : سلمان منّا.
فقال النبي ( ﷺ ) ( سلمان منّا أهل البيت ).
قال عمرو بن عوف : كنتُ أنا وسلمان وحذيفة والنعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار في أربعين ذراعاً، فحفرنا حتى بلغنا الصدى أخرج اللَّه من بطن الخندق صخرة مروة كسرت حديدنا وشقَّت علينا. فقلنا يا سلمان : آت إلى رسول اللَّه وأخبره خبر هذه الصخرة. فإمّا أنْ نعدل عنها فإنَّ المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمر، فإنّا لا نحب أن نجاوز خطة.
قال : فرقى سلمان إلى رسول اللَّه ( ﷺ ) وهو ضارب عليه قبّة تركية. فقال : يا رسول اللَّه خرجت صخرة بيضاء مروة من بطن الخندق، وكسرت حديدنا وشقت علينا حتى ما يجيء منها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك فإنّا لا نحب أن نجاوز خطك، قال : فهبط رسول اللَّه مع سلمان الخندق وبقينا نحن التسعة على شفة الخندق. فأخذ رسول اللَّه ( ﷺ ) المعول من سلمان فضربها ضربة صدعها،


الصفحة التالية
Icon