" صفحة رقم ٩٨ "
حدّثنا :( إنّ الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجّال، ونزل القرآن فتعلّموا من القرآن وتعلّموا من أصل السّنة ).
ثم حدّثنا عن رفعهما فقال :( ينام الرّجل النومة فينزع الأمانة من قلبه فيظل أثرها كأثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فتراه منتثراً وليس فيه شيء ). ثم أخذ حذيفة حصاة فدحرجها على ساقه قال : فيصبح النّاس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتّى يقال له : فلان رجلا أميناً، وحتّى يقال للرّجل : ما أجلده، ما أعقله، وأظرفه وما في قلبه مثقال حبّة خردل من إيمان. ولقد أتى عليّ حين ولا أبالي أيّكم بايعت لئن كان مسلماً ليردّن على إسلامه ولئن كان يهودياً أو نصرانياً ليردّنّ على ساعيه فأنا اليوم فما كنت لأبايع رجلاً منكم إلاّ فلاناً وفلاناً.
وقيل : أكمل الدّيانة ترك الخيانة، وأعظم الجناية خيانة النّاس.
آل عمران :( ٧٧ ) إن الذين يشترون.....
) إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً ( : اختلفوا في نزول هذه الآية :
فقال عكرمة : نزلت في أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وحيي بن أحطب وغيرهم من رئيس اليهود كتبوا ما عهد اللّه إليهم في التوراة في شأن محمّد ( ﷺ ) وبدّلوه وكتبوا بأيديهم غيره، وحلفوا إنّه من عند اللّه لئلا يفوتهم الرّشى والمأكل التي كانت لهم على أتباعهم.
وقال الكلبي : إنّ ناساً من علماء اليهود أولي فاقة كانوا ذوي حظ من علم التوراة فأصابهم سِنَة. فأتوا كعب بن الأشرف يستميرونه فسألهم كعب : هل تعلمون أنّ هذا الرجّل رسول اللّه في كتابكم ؟ فقالوا : نعم، وما تعلمه أنت ؟ قال : لا. قالوا : فإنّا نشهد إنّه عبد اللّه ورسوله، قال كعب : قد كذبتم عليّ فأنا أريد أن أميركم وأكسوكم فحرمكم اللّه خيراً كثيراً.
قالوا : فإنّه شبّه لنا. فرويداً حتى نلقاه. قال : فانطلقوا فكتبوا صفة سوى صفته، ثم أتوا نبي اللّه ( ﷺ ) فكتموه ثم رجعوا إلى كعب، فقالوا : قد كنّا نرى رسول اللّه فأتيناه، فإذا هو ليس بالنعت الذّي نُعت لنا وأخرجوا الّذي كتبوه. ففرح بذلك كعب، ومكرهم فأنزل اللّه عزّ وجّل هذه الآية، نظيرها قوله :) إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب يشترون به ثمناً قليلاً ( الآية.
وروى منصور بن أبي وائل قال : قال عبد اللّه : من حلف على عين يستحقّ بها مالاً وهو فيها فاجر لقي اللّه عزّ وجّل وهو عليه غضبان. فأنزل اللّه تعالى تصديق ذلك ) إنّ الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً ( الآية.
وقال الأشعث بن قيس : فيّ نزلت، وكانت بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى