" صفحة رقم ٩٩ "
رسول اللّه ( ﷺ ) فقال :( شاهداك أو يمينه ). فقلت : إنّه إذاً يحلف ولا يبالي. فقال رسول اللّه ( ﷺ ) ( من حلف على عين يستحقّ بها مالاً هو فيها فاجر لقي الله تعالى وهو عليه غضبان ). فأنزل اللّه تعالى :) إنّ الّذين يشترون... ( الآية.
وقال ابن جريج : إنّ الأشعث بن قيس اختصم هو ورجل إلى رسول اللّه ( ﷺ ) في أرض كانت في يده لذلك ليعزّره في الجاهلية : فقال رسول اللّه ( ﷺ ) ( أقم بيّنتك ؟ ). قال الرجل : ليس يشهد لي على الأشعث بن قيس أحد. قال :( لك يمينه ). فقام الأشعث وقال : أُشهد اللّه وأُشهدكم أنّ خصمي صادق. فرّدَّ إليه أرضه وزاده من أرض نفسه زيادة كثيرة مخافة أن يبقى في يده شيء من حقّه فهو لعقب ذلك الرجل من بعده.
وروى بادان عن ابن عباس قال : نزلت في امرىء القيس بن عابس الكندي استعدى عليه عبدان بن أشرع فقضى رسول اللّه ( ﷺ ) بالحلف، فلمّا همّ أن يحلف نزلت هذه الآية. فامتنع أمرىء القيس أن يحلف وأقرّ لعبدان بحقّه ودفعه إليه. فقال رسول اللّه ( ﷺ ) لك عليها الجنّة.
وقال مجاهد والشعبي : أقام رجلاً سلعته أوّل النّهار فلمّا كان آخره جاء رجل فساومه فحلف لقد منعها أوّل النّهار من كذا ولولا المساء لما باعها به. فأنزل اللّه تعالى ) إنّ الّذين يشترون بعهد الله ( : أي يستبدلون بعهد اللّه وإيفاء الأمانة ) وأيمانهم ( الكاذبة ) ثمناً قليلاً (.
) أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ( : ونعيمها وثوابها ولا يكلمهم اللّه كلاماً ينفعهم ويسرّهم. قاله المفسرون، وقال المفضل :) ولا يكلمهم الله ( : بقبول حجّة يحتجّون بها.
) ولا ينظر إليهم يوم القيامة ( : أي لا يرحمهم ولا يعطف عليهم ولا يحسن إليهم ولا يكلمهم خيراً. يُقال نظر فلان لفلان، ونظر إليه إذا رحمه وأحسن إليه.
قال الشاعر :
فقلت انظري ما أحسن النّاس كلّهم
لبني غلّة صدبان قد شفّهُ الوجد
وعن أبي عمرو الجوني قال : ما نظر اللّه إلى شيء إلا رحمه ؛ ولو قضى أن ينظر إلى ( أهل ) النّار لرحمهم، ولكن قضى أن لا ينظر إليهم.
روى عبد اللّه بن كعب عن أبي أمامة الخازني : إنّ رسول اللّه ( ﷺ ) قال :( من اقتطع حقّ امرىء مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النّار وحرّم عليه الجنّة )، فقال رجل وإن كان شيئاً يسيراً قال :( وإن كان قضيباً من أراك )


الصفحة التالية
Icon