" صفحة رقم ٢٧ "
تعدى إلى المفعول من غير حرف الباء كان دخول الباء للتبعيض، كقول القائل : مسحت يدي بالمنديل وإن كان مسح ببعضه.
قال عنترة :
شربت بماء الدحرضين فأصبحت
زوراء تنفر عن حياض الديلم
ويدل عليه من السنة ما روى عمرو بن وهب النقعي عن المغيرة بن شعبة أن النبي ( ﷺ ) توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته وخفّيه، فاقتصر في المسح على الناصية دون سائر الرأس.
) وأرجلكم ( اختلف القرّاء فيه، فقرأ عروة بن الزبير وابنه هشام ومجاهد، وإبراهيم التميمي وأبو وائل، والأعمش، والضحّاك وعبدالله بن عامر، وعامر ونافع، والكسائي وحفص وسلام ويعقوب :( وأرجلكم ) بالنصب وهي قراءة علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ).
وروى عاصم بن كليب عن أبي عبد الرحمن السّلمي، قال : قرأ عليّ الحسن والحسين فقرأا : وأرجلَكم بالخفض، فسمع عليّ ذلك وكان يقضي بين الناس، فقال : وأرجلِكم بالنصب، وقال : هذا من المقدم والمؤخر من الكلام.
وقراءة عبد اللّه وأصحابه. قال الأعمش : كان أصحاب عبد اللّه يقرؤن : وأرجلكم نصباً فيغسلون.
وقراءة ابن عباس، روى عكرمة عنه أنه قرأها : وأرجلكم بالنصب وقال : عاد الأمر إلى الغسل وهو اختيار أبي عبيد، وقرأ الباقون بالكسر، وهي قراءة أنس والحسن وعلقمة والشعبي، واختيار أبي حاتم، فمن نصب فمعناه واغسلوا أرجلَكم، ومن خفض فله وجوه ثلاث : أحدها أن المسح يعني الغسل والباء بمعنى التعميم، يقول تمسّحت للصلاة أي توضأت، وذلك أن المتوضىء لا يرضى أن يصيب وجهه وذراعيه وقدميه حتّى يمسحها فيغسلها فلذلك سمي الغسل بها، وهذا قول أبي زيد الأنصاري وأبي حاتم السجستاني.
وقال أبو عبيدة والأخفش وغيرهما : إن الأرجل معطوفة على الرؤس على الإتباع بالجواز لفظاً لا معنى. كقول العرب ( جحر ضب خرب ) قال تعالى ) ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها (.
قال الشاعر :
ورأيت زوجك في الوغى
متقلداً سيفاً ورمحاً