" صفحة رقم ٣٣٣ "
) وينزّل عليكم من السماء ماء ( وذلك أن المسلمين نزلوا كثيباً أخضر ببدر يسوخ فيه الأقدم وحوافر الدواب وسبقهم المشركون إلى ماء بدر العظمى وغلبوهم عليه وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم مجنبين وأصابهم الظمأ ووسوس لهم الشيطان فقال تزعمون أن فيكم نبي الله وأنّكم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تُصلّون مجنبين ومحدثين فكيف ترجون أن يظفركم عليهم.
قال : فأرسل الله عزّ وجلّ مطراً سال منه الوادي فشرب منه المؤمنون واغتسلوا وتوضّأوا وسقوا الركاب وملؤوا الأسقية وأطفى الغبار ولبّد الأرض حتّى ثبّت عليه الأقدام وزالت وسوسة الشيطان وطابت أنفسهم فذلك قوله ) وينزّل عليكم من السماء ماء ليُطهركم به ( من الأحداث والجنابة.
وقرأ سعيد بن المسيب : ليُطهركم بطاء ساكنة من أطهره الله ) ويُذهب عنكم رجز الشيطان ( أي وسوسة الشيطان.
وقرأ ابن محيصن : رجز بضم الراء. وقرأ أبو العالية : رجس بالسين والعرب تعاقب بين السين والزاء فيقول بزق وبسق.
والسراط والزراط والأسد والأزد ) وليربط على قلوبكم ( اليقين والصبر ) ويثبت به الأقدام ( حتّى لا يسرح في الرمل بتلبيد الأرض.
وقيل : بالصبر وقوّة القلب
الأنفال :( ١٢ ) إذ يوحي ربك.....
) إذ يُوحي ربّك إلى الملائكة ( للذين أمدّ بهم المؤمنين ) أنّي معكم ( بالعون والنصر ) فثبّتوا الذين آمنوا ( أي نوّروا قلوبهم وصحّحوا عزائمهم وثباتهم في الجهاد، فقيل : إنّ ذلك المثبت بحضورهم الحرب معهم.
وقيل : معونتهم إياهم في قتال عدوهم، وقال أبو روق : هو أن الملك كان يشبّه بالرجل الذي يعرفون وجهه فيأتي الرجل من أصحاب النبيّ ( ﷺ ) فيقول : إنّي قد دنوت من المشركين فسمعتهم يقولون والله لئن حملوا علينا ( لنكشفنّ ).
فتحدّث بذلك المسلمون بعضهم بعضاً فيقوّي أنفسهم ويزدادون جرأة، قال ابن إسحاق والمبرد : فثبّتوا الذين آمنوا أي وآزروهم ) سأُلقي في قلوب الذين كفروا الرعب ( ثمّ علّمهم كيف الضرب والقتل فقال ) فاضربوا فوق الأعناق ( قال بعضهم : هذا الأمر متّصل بقوله :) فثبّتوا الذين آمنوا (.
وقال آخرون : هو أمر من الله عزّ وجلّ للمؤمنين واختلفوا في قوله ) فوق الأعناق ( فقال عطيّة والضحاك : معناه : فاضربوا الأعناق لقوله ) إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب (.