" صفحة رقم ٤٥ "
قصة وفاة هارون ( عليه السلام )
قال السدّي : أوحى اللّه عز وجل إلى موسى : أني متوفي هارون، فأت به جبل كذا وكذا فانطلق موسى وهارون نحو الجبل، فإذا هما بشجر لم ير شجر مثلها وإذا بيت مبني فيه سرير عليه فرش وإذا فيه ريح طيبة فلمّا نظر هارون إلى ذلك بجنبه أعجبه وقال : يا موسى إنّي أحب أن أنام على هذا السرير، قال : فنم عليه، فقال : إنّي أخاف أن يأتي رب هذا البيت فيغضب عليّ، قال له موسى : لا، أنا أكفيك رب هذا البيت فنم، قال : يا موسى بل نم معي فإن جاء رب البيت غضب عليّ وعليك جميعاً، فلما ناما أخذ هارون الموت فلما وجد حتفه قال : يا موسى خذ عيني فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير إلى السماء، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل وليس معه هارون، قالوا : إنّ موسى قتل هارون وحسده حبّ بني إسرائيل له، فقال موسى : ويحكم فإنّ أخي أُمر ولن أقتله فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا اللّه فنزل السرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض فصدقوه.
وقال عمرو بن ميمون : كان وفاة موسى وهارون في التيه، ومات هارون قبل موسى. فكانا خرجا في التيه إلى بعض الكهوف، فمات هارون ودفنه موسى، وانصرف إلى بني إسرائيل، فقالوا : ما فعل هارون ؟ قال : مات، قالوا : كذبت ولكنك قتلته لمحبّتنا إياه، وكان محبباً في بني إسرائيل.
فتضرع موسى إلى ربّه وشكى ما لقي من بني إسرائيل فأوحى اللّه عز وجل إليه أن انطلق بهم إلى قبر هارون حتى تخبرهم أنه مات موتاً ولم تقتله، وانطلق بهم إلى قبر هارون فنادى : يا هارون فخرج من قبره ينفض من رأسه فقال : أنا قتلتك ؟ قال : لا واللّه ولكنّي متّ قال : فعد إلى مضجعك، وانصرفوا.
وأما وفاة موسى ( عليه السلام )
فقال ابن إسحاق : كان صفي اللّه موسى قد كره الموت وأعظمة فلما كرهه أراد اللّه أن يحبِّب إليه الموت ويكرِّه إليه الحياة فالتقى يوشع بن نون وكان يغدو ويروح عليه فيقول له موسى : يا نبي الله ما أحدث اللّه ؟ فيقول له يوشع : يا نبي اللّه ألم أصحبك كذا وكذا سنة وهل كنت أسألك عن شيء مما أحدث اللّه إليك حتّى تكون أنت الذي تهتدي به وتذكره ولا تذكر له شيئاً ؟ فلما رأى ذلك موسى كره الحياة وأحبّ الموت، ثم اختلفوا في صفة موته.
فروى همام بن منبه عن أبي هريرة عن محمد رسول اللّه ( ﷺ ) قال :( جاء ملك الموت إلى موسى ( عليه السلام ) فقال له : أجب ربك، قال فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها فرجع ملك الموت إلى اللّه تعالى فقال : إنّك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عيني، قال : فرّد