" صفحة رقم ٧٠ "
لا تملأ الدلو وعرق فيها
ألا ترى حبّار من يسقيها
قال قطرب : هو من الحبر وهو الجمال والهيئة يدل عليهم قول النبي ( ﷺ ) ( يخرج رجل من النار قد ذهب حبره وسبره ) ( أي جماله وبهاؤه ).
وقال العباس لرسول اللّه ( ﷺ ) يا ابن أخ فيم الجمال ؟ قال :( في اللسان ).
وقال مصعب بن الزبير لإبنه : يا بني تعلم العلم فإن كان لك مال كان جمالاً وإن لم يكن عندك علم كان لك مالاً، ) بما استحفضوا ( استودعوا من كتاب اللّه ) وكانوا عليه شهداء ( إنه كذلك ) فلا تخشوا الناس واخشون ( إلى قوله ) الكافرون ( واختلف العلماء في معنى الآية وحكمها.
فقال الضحّاك وأبو إسحاق وأبو صالح وقتادة : نزلت هذه الآيات الثلاث في اليهود وليس في أهل الإسلام منها شيء فأما هذه الأمّة فمن أساء منهم وهو يعلم إنه قد أساء وليس بدين.
يدلّ على صحة هذا التأويل. ما روى الأعمش عن عبد اللّه بن مرّة عن البرّاء بن عازب عن النبي ( ﷺ ) في قوله تعالى ) ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون ( والظالمون والفاسقون. قال : كلها في الكافرين.
وقال النخعي والحسن : نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ورضىً لهذه الآية بها فهي على الناس كلّهم واجبة.
عن ابن عباس وطاووس ليس بكفر ينقل عن الملة بل إذا فعل ذلك وهو به كفر، وليس كمن يكفر باللّه واليوم ( الآخر ).
عطاء : هو كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق.
عكرمة : معناه ومن لم يحكم بما أنزل اللّه جاحداً به فقد كفر. ومن أقرّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق. وهذه رواية الوالبي عن ابن عباس قال : وسمعت أبا القاسم الحبيبي، قال : سمعت أبا زكريا العنبري، يحكي عن عبد العزيز بن يحيى الكناني إنه سأل عن هذه الآيات، قال : إنها تقع على جميع ما أنزل اللّه لا على بعضه فكل من لم يحكم بجميع ما أنزل اللّه فهو كافر ظالم فاسق.
فأما من يحكم ببعض ما أنزل اللّه من التوحيد ( وترك ) الشرك ثم لم يحكم بهما ( فبين ) ما أنزل اللّه من الشرائع لم يستوجب حكم هذه الآيات