" صفحة رقم ١٢ "
الحُرُمُ ( وهي أربعة، ثلاثة فرد، وواحد زوجي وهي : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو رجب.
وقال مجاهد وابن إسحاق وابن زيد وعمر بن شعيب : هي شهور العهد، وقيل لها الحرم لأن الله حرّم فيها على المؤمنين دماء المشركين والتعرض لهم إلا سبيل الخير ) فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ( في الحلّ والحرم، وجدتموهم فأسروهم ) وَاحْصُرُوهُمْ ( وامنعوهم دخول مكة والتصرف في بلاد الإسلام ) وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد ( أي على كل طريق ومرقب، يقال : رصدت فلاناً أرصده رصداً إذا رقبته. قال عامر بن الطفيل.
ولقد علمت وما إخالك ناسياً
أن في المنيّة للفتى بالمرصد
) فَإنْ تَابُوا ( من الشرك ) وَأقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ( يقول : دعوهم في أمصارهم، ودعوهم يدخلوا مكة ) إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( (......... ) في حكم هذه الآية.
قال الحسين بن الفضل : فنسخت هذه الآية كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء، وقال الضحاك والسدّي وعطاء : قوله :( فاقتلوا المشركين ) منسوخة بقوله :) فَإمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإمَّا فِدَاءً ( وقال قتادة : بل هي ناسخة لقوله :) فَإمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإمَّا فِدَاءً (.
والصحيح أنّ حكم هذه الآية ثابت، وأنها غير منسوخة إحداهما بصاحبتها لأنّ المنّ، والقتل، والفداء لم يزل من حكم رسول الله ( ﷺ ) فهم من أول حاربهم وهو يوم بدر، ويدلّ عليه قوله تعالى :) وخذوهم ( والأخذ هو الأسر، والأسر إنّما يكون للقتل أو الفداء، والدليل عليه أيضاً قول عطاء قال : أتى النبي ( ﷺ ) بأسير يقال له أبو أُمامة وهو سيد اليمامة، فقال له النبي ( ﷺ ) ( يا أبا أُمامة أيّها أحب إليك : أعتقك أو أفاديك أو أقتلك أو تسلم ؟ ). فقال : أن تعتق تعتق عظيماً، وأن تفادِ تفاد عظيماً، وإنْ تقتل تقتل عظيماً، وأما أن أسلم فلا والله لا أسلم أبداً.
قال فأني أعتقتك. فقال : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسوله.
وكانت مادّة ميرة مكة من قبل اليمامة فقال لأهل مكة : والذي لا إله إلا هو لاتأتيكم ميرة أبداً، ولا حبّة من قبل اليمامة حتى تؤمنوا بالله ورسوله فأضرّ إلى أهل مكة فكتبوا إلى النبي ( ﷺ ) أيّهم له حزب يشكون ذلك إليه، فكتب إلى أبي أُمامة : لاتقطع عنهم ميرة كانت من قبلك، ففعل ذلك أبو أمامة.
٢ ( ) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذاَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا