" صفحة رقم ٢٠٩ "
قال السّدّي : هي بالقبطيّة هلمّ لك، وقال الحسين : هيت لك كلمة بالسريانية أي عليك، قال أبو عُبيد : كان الكسائي يقول هي لغة لأهل حوران وقعت إلى الحجاز معناها تعالَ، قال أبو عبيد : سألتُ شيخاً عالماً من حوران فذكرَ أنها لغُتهم، وكذا قال عكرمة، وقال مجاهد وغيره : هي لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها وهي كلمة حَثّ وإقبال على الشيء، وأصلهما من ( الدعوة ) والصياح تقول العرب : هيّتَ فُلان بفلان إذا دعاهُ وصاحَ به، قال الشاعر :
قَدْ رابني أنّ الكريّ أسكتا
لو كان مَعْنيّاً بها لهَيَّتا
أي صاح به، والكريّ المكاريّ.
وقال أُستاذنا أبو االقاسم بن حبيب : رأيتُ في بعض التفاسير هيتَ لك يقول : هل لك رغبة في حُسني وجمالي، وذكر أبو عبيدة أن العرب لاتُثنّي هَيتَ ولا تجمع ولا تؤنّث، وإنّها بصورة واحدة في كلّ حال وإنّما تتميّز بما بَعدها وبما قبلها.
قال يوسف ( عليه السلام ) عندَ ذلك :) مَعَاذَ الله ( أعتصمُ وأستجيرُ بالله ممّا دعوتِني إليه وهو مصدر تقديره : عياذاً بالله.
) إنّهُ ربِّي ( يعني إنّ زَوجكِ قطفير سيديّ، ) أحْسَنَ مَثْوايَ ( أي منزلتي، وعلى هذا أكثر المفسّرين، قال بعضهم : إنّها مردودة إلى الله ) أحسن مثواي ( أي آواني ومن بلاء الحب عافاني.
) إنّهُ لا يُفْلِحُ الظالِمُون ( يعني إن فعلتُ، وأْتَمنني هذا فخنتُه في أهلهِ بعدما أكرمني وأْتمَنني وأحسنَ مثواي فأنا ظالم ولا يُفلح الظالمون، وقيل الزناة.
يوسف :( ٢٤ ) ولقد همت به.....
) ولَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها ( يعني الهَمُّ بالشيء : حَديث المرء نفسَهُ به، ولمّا يفعل ذلك. يقول الشاعر :
هممتُ وَلمْ أفعلْ وكِدتُ وليتني
تركتُ على عثمان تبكي حَلائلهُ
فأما ما كان من همّ يوسف ( عليه السلام ) بالمرأة وهمتها بهِ، فإنّ أهل العلم ( اختلفوا ) في ذلك، فروى سفيان بن عُيينة عن عُبيد الله بن أبي يزيد قال : سَمِعتُ ابن عباس سُئِلَ : ما بلغَ من همّ يوسف قال : حَلَّ الهميان وجلس منها مجلس المُجامع.
وروى ابن جريح عن ابن أبي عطية، قال : سألتُ ابن عباس ( ح ) : ما بلغَ من همّ يوسف، قال : استلقتْ له على قفاها وقعد بين رجليها لينزع ثيابَهُ.


الصفحة التالية
Icon