" صفحة رقم ٢٢٣ "
) إنّا نَراكَ مِن المُحسِنِيْن ( أي العالِمين الذين أحسنوا، قال الفرّاء وقال ابن اسحاق : إنّا نراك من المحُسنين إلينا إن فعلت ذلك وفسّرت رؤيانا، كما يُقال : افعل كذا وأنت مُحسن.
وروى سلمة بن نبط عن الضحّاك بن مزاحم في قوله :) إنّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِيْن ( ما كان إحسانه ؟ قال كان إذا مرض رجل في السجن قام إليه، وإذا ضاق وسع له، وإن احتاج جمع له، وسأل له.
قتادة : بلغنا أنّ إحسانه كان يُداوي مريضهم، ويُعزّي حزينهم، ويجتهد لربّه.
وقيل : لمّا انتهى يوسف إلى السجن وجد فيه قوماً قد انقطع رجاؤهم واشتدّ بلاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول : أبشروا واصبروا تؤجروا، وإنّ لهذا لأجراً وثواباً، فقالوا له : يا فتى بارك الله فيك، ما أحسن وجهك وأحسن خلقك وأحسن حديثك لقد بورك لنا في جوارك بالحبس، إنّا كُنا في غير هذا منذ حبسنا لما تخبرنا به من الأجر والكفارة والطهارة، فمن أنت يا فتى ؟
قال : أنا يوسف بن صفي الله يعقوب بن ذبيح الله إسحاق بن إبراهيم خليل الله، فقال له عامل السجن : يا فتى والله لو استطعت لخلّيت سبيلك، ولكن ما أحسن جوارك وأحسن أخبارك فكنْ في أي بيوت السجن شئت.
فكره يوسف ( عليه السلام ) أن يعبر لهما ما سألاه لِما عَلِمَ في ذلك من المكروه على أحدهما، فأعرض عن سؤالهما وأخذ في غيره،
يوسف :( ٣٧ ) قال لا يأتيكما.....
قال لهما :) لا يأتِيْكُما طَعامٌ تُرزَقانه ( في نومكما ) إلاّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيْلِه ( في اليقظة.
هذا قول أكثر المفسّرين، وقال بعضهم : أراد به في اليقظة فقال :) لا يأتيكما طعام تُرزقانه ( تطعمانه وتأكلانه ) إلاّ نبّأتُكُما بتأويله ( بتفسيرة قال : إنّه أيّ طعام أكلتم ومتى أكلتُم وكم أكلتُم، فقالا له : هذا من فعل العَرّافين والكَهنة، فقال لهما ( عليه السلام ) : ما أنا بكاهن وإنّما ) ذلِكُما ( العلم ) ممّا عَلّمَني رَبِّي إنّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قوم لا يُؤمِنُوْنَ بالله وَهُم بِالآخِرةِ هُمُ كافِرُوْن ( كرّرهُم على التأكيد. وقيل : هم الأوّل جماد كقوله تعالى :) أيعدكم أنّكم إذا مُتّم وكُنتم تُراباً وَعِظاماً أنّكم مُخْرَجُون ( فصارت الأولى المُلغاة والثانية ابتداء، وكافرون خبره.
يوسف :( ٣٨ ) واتبعت ملة آبائي.....
) واتّبعتُ ملّة آبائي ( فتح ياءه قومٌ وسكّنها آخرون، ( فما وفي ) أمثالها فالجزم على الأصل والفتح على موافقة الألف استقلّته لأنّها أُخت الفتحة وقرأها الأعمش آبَاي إبْرَاهِيْمَ دُعَاي إلاّ فِرَاراً مقصوراً غير مهموز وفتحَ ياءهما مثل (... ).
) إبْرَاهِيْمَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوْبَ مَا كَانَ لَنا ( ما ينبغي ) أن نُشْرِكَ باللهِ مِنْ شَيء ( من صلة، تقديره : أن نشرك بالله شيئاً.


الصفحة التالية
Icon